تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٤٦
تفسير سورة «الكافرون» أو المقشقشة «١»
البراءة من الشرك
حسم الإسلام بآيات القرآن العظيم قضية الإيمان والشرك، بعد أن أوضح اللّه تعالى الأدلة الدالة على صحة الاعتقاد، من توحيد اللّه تعالى، والتصديق بأنبيائه ورسله، وبكتبه وملائكته واليوم الآخر، فلم يبق بعدئذ مجال للوثنية أو الشرك، وجاءت سورة «الكافرون» المكية بالإجماع مبرئة من الشرك والنفاق، ومن عمل المشركين، وآمرة بإخلاص العبادة لله تعالى، فقال اللّه سبحانه :
[سورة الكافرون (١٠٩) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤)وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)
[الكافرون : ١٠٩/ ١- ٦].
سبب نزولها : ما
أخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما :«أن قريشا دعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى أن يعطوه مالا، فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، فقالوا : هذا لك يا محمد، وتكفّ عن شتم آلهتنا، ولا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فاعبد آلهتنا سنة، قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي، فأنزل اللّه : قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) إلى آخر السورة، وأنزل : قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) [الزمر : ٣٩/ ٦٤].
(١) هو من قشقش المريض : إذا صح وبرأ، أي المبرئة من الشرك والنفاق.