﴿ذواتا أفنان (٤٨) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٩) فيهمَا عينان تجريان (٥٠) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥١) فيهمَا من كل فَاكِهَة زوجان (٥٢) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٣) متكئين على فرش بطائنها من إستبرق﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذواتا أفنان﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا أَن مَعْنَاهُ: ذواتا ألوان من الْفَاكِهَة، كَأَن الأفنان بِمَعْنى الْفُنُون. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الأفنان بِمَعْنى الأغصان، وَهُوَ الْأَظْهر. قَالَ عِكْرِمَة: ظلّ الأغصان على الْحِيطَان. وَأما الأول قَالَه الضَّحَّاك، وَجمع عَطاء بَين الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ: على كل غُصْن ألوانه من الْفَوَاكِه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فيهمَا عينان تجريان﴾ فَقَالَ: هما التسنيم والسلسبيل، وَعَن بَعضهم: تجريان بِكُل خير وبركة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فيهمَا من كل فَاكِهَة زوجان﴾ أَي: نَوْعَانِ وصنفان، وَهُوَ الرطب من الْفَوَاكِه وَمَا يشبهها، كالعنب وَالزَّبِيب، وَالرّطب وَالتَّمْر، وَنَحْو ذَلِك. وَعَن ابْن عَبَّاس: لَيْسَ مِمَّا وصف فِي الْجنَّة فِي الدُّنْيَا شَيْء إِلَّا الْأَسْمَاء. كَأَنَّهُ ذهب إِلَى أَن شَيْئا مِمَّا فِي الدُّنْيَا لَا يماثل مَا فِي الْجنَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿متكئين على فرش بطائنها من إستبرق﴾ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: بطائنها أَي: ظواهرها، تَقول الْعَرَب: هَذِه بطن السَّمَاء، وَهَذِه ظهرهَا، لما يرى من السَّمَاء، وَهَذَا القَوْل ذكره الْفراء أَيْضا، وَأما سَائِر أهل التَّفْسِير قَالُوا: إِن المُرَاد من البطائن حَقِيقَة البطانة. والإستبرق: هُوَ الديباج الغليظ، مثل مَا يعلق من الديباج على الْكَعْبَة. وَقيل: إِنَّهَا فارسية معربة من قَوْلهم: إستبر. وَعَن بَعضهم: أَنه مثل الْحَرِير الصيني. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: هَذِه البواطن، فَمَا ظنكم بالظواهر، وَمثله عَن ابْن مَسْعُود. وَعَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ظواهرها نور يتلألأ. وَعَن بَعضهم: ظواهرها مِمَّا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين﴾.