بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله وَالله يعلم إِنَّك لرَسُوله وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ (١) اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة﴾
تَفْسِير سُورَة الْمُنَافِقين
وَهِي مَدَنِيَّة فِي قَول الْجَمِيع. وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: نزلت السُّورَة فِي شَأْن عبد الله بن أبي بن سلول وَأَصْحَابه، كَانُوا يأْتونَ النَّبِي وَيَقُولُونَ: نَحن مُؤمنُونَ بك، ونشهد إِنَّك لرَسُول الله، وَأَن مَا جِئْت بِهِ حق، ثمَّ إِذا رجعُوا إِلَى مَا بَينهم أظهرُوا الْكفْر. وَعَن بَعضهم: أَن قَوْله تَعَالَى: ﴿نشْهد﴾ مَعْنَاهُ: نحلف بِدَلِيل أَن الله تَعَالَى قَالَ بعد هَذِه الْآيَة: ﴿اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة﴾.
قَالَ الشَّاعِر:
(وَأشْهد عِنْد الله أَنِّي أحبها فَهَذَا لَهَا عِنْدِي فَمَا عِنْدهَا ليا)
أَي: أَحْلف.
وَقَوله: ﴿وَالله يعلم إِنَّك لرَسُوله وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ﴾ هُوَ تطييب لقلب النَّبِي وتسلية لَهُ، وَمَعْنَاهُ: أَن علمي أَنَّك رَسُول الله وشهادتي لَك بذلك خير من شَهَادَتهم.
وَقَوله: ﴿إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ﴾ قَالَ أَبُو عبيد: أَي: الْكَافِرُونَ، يُسَمِّي الْكفْر باسم الْكَذِب. وَقَالَ غَيره: هُوَ الْكَذِب حَقِيقَة. وَسمي قَوْلهم كذبا؛ لأَنهم كذبُوا على قُلُوبهم. وَقيل: لما أظهرُوا بألسنتهم خلاف مَا كَانَ فِي ضمائرهم سمي بذلك كذبا، كَالرّجلِ يخبر بالشَّيْء على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة﴾ أَي: ستْرَة لما أبطنوه من الْكفْر. وَقيل: جنَّة أَي: يترسوا بهَا عَن الْقَتْل، مثل الْمِجَن يتترس بهَا الْمقَاتل بهَا الْمقَاتل عَن سلَاح الْعَدو.


الصفحة التالية
Icon