وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري إنه ﷺ قال: «من قرأ سورة عبس وتولى جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر» حديث موضوع، وكان من حق البيضاوي أن لا يعبر بقال بل بعن كالزمخشري أو نحوها، ويأتي مثله في نظائره.
سورة التكوير
مكية
وهي تسع وعشرون آية ومائة وأربع كلماتوأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفاً
﴿بسم الله﴾ الذي أحاط علمه بالكائنات ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ وجوده سائر البريات ﴿الرحيم﴾ الذي خص حزبه بنعيم الجنات.
واختلف في معنى قوله تعالى: ﴿إذا الشمس﴾ أي: التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة وأوضحها للحس ﴿كوّرت﴾ فقال ابن عباس: أظلمت. وقال قتادة: ذهب ضوءها. وقال سعيد بن جبير: غوّرت. وقال مجاهد: اضمحلت. وقال الزجاج: لفت كما تلف العمامة، يقال: كرت العمامة على رأسي أكوّرها كوراً، وكورتها تكويراً إذا لففتها، وأصل التكوير جمع بعض الشيء إلى بعض، فمعناه أنّ الشمس يجمع بعضها إلى بعض، ثم تلف، فإذا فعل بها ذلك ذهب ضوءها. قال ابن عباس: يكوّر الله تعالى الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر، ثم يبعث عليها ريحاً دبوراً فتضرمها فتصير ناراً. وعن أبي هريرة أنّ النبيّ ﷺ قال: «الشمس والقمر يكوّران يوم القيامة».
تنبيه: ارتفاع الشمس على الفاعلية ورافعها فعل مضمر يفسره كوّرت؛ لأن إذا تطلب الفعل لما فيها من معنى الشرط.
﴿وإذا النجوم﴾ أي: كلها كبارها وصغارها ﴿انكدرت﴾ أي: انقضت وتساقطت على الأرض.
قال تعالى: ﴿وإذا الكواكب انتثرت﴾ والأصل في الانكدار الانصباب.
قال العجاج في مدحه لعمرو بن معديكرب:{{
(١٣/٣٦٨)

*إذا الكرام ابتدروا الباع ابتدر تقضي البازي إذا البازي كسر
*أبصر خربان فضاء فانكدر*
أي: فانقض وسقط، والخربان جمع خرب وهو ذكر الحبارى، والباع يستعمل في الكرم، يقال: فلان كريم الباع؛ والمعنى: أنّ الكرام إذا ابتدروا فعل المكرمات بدرهم عمرو، أي: أسرع كانقضاض البازي.


الصفحة التالية
Icon