بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة (١) رَسُول من الله يَتْلُو صحفا مطهرة (٢) فِيهَا كتب قيمَة (٣) وَمَا تفرق الَّذين﴾
تَفْسِير سُورَة لم يكن
وَهِي مَكِّيَّة فِي قَول بَعضهم، (مَدَنِيَّة فِي قَول بَعضهم، وَالله أعلم)
قَوْله تَعَالَى: ﴿لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب﴾ قَرَأَ أبي بن كَعْب: " مَا كَانَ الَّذين كفرُوا " وَهُوَ شَاذ، وَالْمَعْرُوف هُوَ الأول.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين﴾ أَي: منتهين، وَمَعْنَاهُ: أَن الْكفَّار من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين مَا كَانُوا منتهين عَن كفرهم حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة أَي: حَتَّى أَتَاهُم الرَّسُول، مُسْتَقْبل بِمَعْنى الْمَاضِي، وَقيل: الْبَيِّنَة هِيَ الْقُرْآن، وَهَذَا قَول مَعْرُوف مُعْتَمد، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين الَّذين سمعُوا مِنْهُم لم يزَالُوا على إِقْرَار بِالنَّبِيِّ قبل ظُهُوره، فَلَمَّا ظهر اخْتلفُوا، فَأقر بَعضهم، وَأنكر الْبَعْض،
وَقَوله: ﴿رَسُول من الله﴾ أَي: هُوَ رَسُول من الله، وَقيل: حَتَّى أَتَاهُم رَسُول من الله.
وَقَوله: ﴿يَتْلُو صحفا مطهرة﴾ أَي: مَا فِي الصُّحُف، وَقَوله: ﴿مطهرة﴾ أَي: من التَّغْيِير والتبديل والإدناس والإنجاس.
وَقَوله: ﴿فِيهَا كتب قيمَة﴾ أَي: أَحْكَام مُسْتَقِيمَة عادلة، وَالْكتاب يَأْتِي بِمَعْنى الحكم، والكتب بِمَعْنى الْأَحْكَام، وَفِي قصَّة العسيف أَن النَّبِي قَالَ: " لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله " أَي: بِحكم الله.


الصفحة التالية
Icon