سورة غافر
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مع أن الذين آمنوا أيضاً يجادلون فيها، هل هي منسوخة أم محكمة؟
وهل فيها مجاز أم كلها حقيقية؟
وهل هي مخلوقة أم قديمة؟
وغير ذلك؟
قلنا: المراد الجدال فيها بالتكذيب ودفعها بالباطل، والطعن بقصد إدحاض الحق وإطفاء نور الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى عقيبه ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾
* * *
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى في وصف حملة العرش: (
ويؤمنون به) ولا يخفى على أحد أن حملة العرش يؤمنون بالله تعالى؟
قلنا: فائدته إظهار شرف الإيمان وفضله
والترغيب فيه، كما وصف الأنبياء عليهم السلام بالصلاح والإيمان في غير موضع من كتابه لذلك، وكما عقب أعمال
الخير بقوله تعالى ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فإن قيل: قوله تعالى ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ كيف صح أن يسمى خلقهم أمواتا إماتة؟
قلنا: هذا كما تقول سبحان من صغر جسم البعوضة وكبر الجسم الفيل، وكما تقول للحفار ضيق فم الركية ووسع أسفلها، وليس


الصفحة التالية
Icon