اتباعه بقوله :﴿ قُلْ إِنّى عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّى ﴾ ومعنى قوله :﴿ إِنّى عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّى وَكَذَّبْتُم بِهِ ﴾ : إني من معرفة ربي وأنه لا معبود سواه، على حجة واضحة وشاهد صدق ﴿ وَكَذَّبْتُم بِهِ ﴾ أنتم حيث أشركتم به غيره. ويقال : أنا على بينة من هذا الأمر وأنا على يقين منه، إذا كان ثابتاً عندك بدليل. ثم عقبه بما دل على استعظام تكذيبهم بالله وشدة غضبه عليهم لذلك وأنهم أحقاء بأن يغافصوا بالعذاب المستأصل فقال :﴿ مَا عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ﴾ يعني العذاب الذي استعجلوه في قولهم :﴿ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السَّمَاء ﴾ ( الأنفال : ٣٢ ) ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ ﴾ في تأخير عذابكم ﴿ يَقْضِ * الْحَقّ ﴾ أي القضاء الحق في كل كا يقضي من التأخير والتعجيل في أقسامه ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾ أي القاضين. وقرىء :( يقض الحق ) أي يتبع الحق والحكمة فيما يحكم به ويقدّره، من قص أثره ﴿ لَّوْ أَنَّ عِندِى ﴾ أي في قدرتي وإمكاني ﴿ مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ﴾ من العذاب ﴿ لَقُضِىَ الاْمْرُ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ﴾ لأهلكتكم عاجلاً غضباً لربي وامتعاضاً من تكذيبكم به. ولتخلصت منكم سريعاً ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴾ وبما يجب في الحكمة من كنه عقابهم. وقيل ﴿ عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّى ﴾ على حجة من جهة ربي وهي القرآن ﴿ وَكَذَّبْتُم بِهِ ﴾ أي بالبينة. وذكر الضمير على تأويل البيان أو القرآن. فإن قلت : بم انتصب الحق ؟ قلت : بأنه صفة لمصدر يقضي أي يقضي القضاء الحق. ويجوز أن يكون مفعولاً به من قولهم : قضى الدرع إذا صنعها، أي يصنع الحق ويدبره. وفي قراءة عبد الله :( يقضى بالحق ) فإن قلت : لم أسقطت الياء في الخط ؟ قلت : إتباعاً للخط اللفظ، وسقوطها في اللفظ لالتقاء الساكنين.
! ٧ < ﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الاٌّ رْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ > ٧ !
< < الأنعام :( ٥٩ ) وعنده مفاتح الغيب..... > > جعل للغيب مفاتح على طريق الاستعارة، لأنّ المفاتح يتوصل بها إلى ما في