اقْتَدِهْ } وبدليل وصل قوله :﴿ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء ﴾ بما قبله. وقيل : هم أصحاب النبي ﷺ وكل من آمن به. وقيل : كل مؤمن من بني آدم. وقيل : الملائكة وادّعى الأنصار أنها لهم. وعن مجاهد : هم الفرس. ومعنى توكيلهم بها : أنهم وفقوا للإيمان بها والقيام بحقوقها كما يوكّل الرجل بالشيء ليقوم به، ويتعهده ويحافظ عليه. والباء في ﴿ بِهَا ﴾ صلة كافرين. وفي ﴿ بِكَافِرِينَ ﴾ تأكيد النفي. ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ فاختص هداهم بالاقتداء، ولا تقتد إلاّ بهم. وهذا معنى تقديم المفعول، والمراد بهداهم طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده وأصول الدين دون الشرائع، فإنها مختلفة وهي هدى، ما لم تنسخ. فإذا نسخت لم تبق هدى، بخلاف أصول الدين فإنها هدى أبداً. والهاء في ﴿ اقْتَدِهْ ﴾ للوقف تسقط في الدرج. واستحسن إيثار الوقف لثبات الهاء في المصحف.
! ٧ < ﴿ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾ > ٧ { < الأنعام :( ٩١ ) وما قدروا الله..... > >
﴿ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ وما عرفوه حق معرفته في الرحمة على عباده واللف بهم حين أنكروا بعثة الرسل والوحي إليهم، وذلك من أعظم وأجلّ نعمته ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ ﴾ ( الأنبياء : ١٠٧ ) أو ما عرفوه حق معرفته في سخطه على الكافرين وشدّة بطشه بهم، ولم يخافوه حين جسروا على تلك المقالة العظيمة من إنكار النبوّة. والقائلون هم اليهود، بدليل قراءة من قرأ :( تجعلونه ) بالتاء. وكذلك ﴿ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ ﴾ وإنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار إنزال القرآن على رسول الله ﷺ، فألزموا ما لا بد لهم من الإقرار به من إنزال التوراة على موسى عليه السلام وأدرج تحت الإلزام توبيخهم وأن نعي عليهم سوء جهلهم لكتابهم وتحريفهم، وإبداء بعض وإخفاء بعض فقيل :﴿ جَاء بِهِ مُوسَى ﴾ وهو نور وهدى للناس، حتى غيروه، ونقصوه وجعلوه قراطيس مقطعة وورقات مفرقة، ليتمكنوا مما راموا من الإبداء والإخفاء. وروي :
( ٣٨٠ ) أن مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم قال له رسول الله ﷺ :( أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها أنّ الله يبغض الحبر السمين ؟ فأنت