والثاني أن جمعه ليس بمنزلة جمع غيره بالواو والنون
وإنما ذاك علامة لزيادة الدلالة
ألا ترى أن سائر الموصولات لفظ الجمع والواحد فيهن واحد او قصد جنس المستوقدين او اريد الجمع او الفوج الذي استوقد نارا
على أن المنافقين وذواتهم لم يشبهوا بذات المستوقد حتى يلزم منه تشبيه الجماعة بالواحد إنما شبهت قصتهم بقصة المستوقد
ونحوه قوله
! ٢ < مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا > ٢ ! الجمعة ٥ وقوله
! ٢ < ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت > ٢ ! محمد ٢٠
ووقود النار سطوعها وارتفاع لهبها ومن إخواته وقل في الجبل اذا صعد وعلا والنار جوهر لطيف مضيء حار محرق
والنور ضوءها وضوء كل نير وهو نقيض الظلمة
واشتقاقها من نار ينور اذا نفر لأن فيها حركة واضطرابا والنور مشتق منها والاضاءة فرط الانارة ومصداق ذلك قوله
! ٢ < هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا > ٢ ! يونس ٥ وهي في الآية متعدية
ويحتمل أن تكون غير متعدية مسندة الى ما حوله والتانيث للحمل على المعنى لأن ما حول المستوقد اماكن وأشياء
ويعضده قراءة ابن ابي عبلة ( ضاءت ) وفيه وجه آخر وهو أن يستتر في الفعل ضمير النار
ويجعل اشراق ضوء النار حوله بمنزلة إشراق النار نفسها على ان ما مزيدة او موصولة في معنى الأمكنة و
! ٢ < حوله > ٢ !
نصب على الظرف وتأليفه للدوران والإطافة
وقيل للعام حول لأنه يدور فإن قلت أين جواب لما قلت فيه وجهان احدهما ان جوابه
! ٢ < ذهب الله بنورهم > ٢ !
والثاني انه محذوف كما حذف في قوله
! ٢ < فلما ذهبوا به > ٢ ! يوسف ١٥
وإنما جاز حذفه لاستطالة الكلام مع امن الالباس للدال عليه وكان الحذف اولى من الإثبات لما فيه من الوجازة مع الإعراب عن الصفة التي حصل عليها المستوقد بما هو أبلغ من اللفظ في أداء المعنى كانه قيل فلما أضاءت ما حوله خمدت فبقوا خابطين في ظلام متحيرين متحسرين على فوت الضوء خائبين بعد الكدح في إحياء النار
فإن قلت فإذا قدر الجواب محذوفا فبم يتعلق
! ٢ < ذهب الله بنورهم > ٢ ! قلت يكون كلاما مستانفا
كأنهم لما شبهت حالهم بحال المستوقد الذي طفئت ناره اعترض سائل فقال ما بالهم قد أشبهت حالهم حال هذا المستوقد فقيل له ذهب الله بنورهم
أو يكون بدلا من جملة التمثيل على سبيل البيان فإن قلت قد رجع الضمير في هذا الوجه الى المنافقين فما مرجعه في الوجه الثاني قلت مرجعه الذي استوقد لأنه في معنى الجمع
واما جمع هذا الضمير وتوحيده في
! ٢ < حوله > ٢ !
فللحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى
فإن قلت فما معنى إسناد الفعل الى الله تعالى في قوله
! ٢ < ذهب الله بنورهم > ٢ !
قلت اذا طفئت النار بسبب سماوي ريح او مطر فقد أطفأها الله تعالى