مثل حالهم في طلبهم أن يبطلوه نبوّة محمد ﷺ بالتكذيب، بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم منبث في الآفاق، يريد الله أن يزيده ويبلغه الغاية القصوى في الإشراق أو الإضاءة. ليطفئه بنفخة ويطمسه ﴿ لِيُظْهِرَهُ ﴾ ليظهر الرسول عليه السلام ﴿ عَلَى الدّينِ كُلّهِ ﴾ على أهل الأديان كلهم. أو ليظهر دين الحق على كل دين. فإن قلت : كيف جاز، أبى الله إلاّ كذا، ولا يقال : كرهت أو أبغضت إلا زيداً ؟ قلت : قد أجرى ( أبى ) مجرى ( لم يرد ) ألا ترى كيف قوبل ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ ﴾ بقوله :﴿ وَيَأْبَى اللَّهُ ﴾ وكيف أوقع موقع ولا يريد الله إلاّ أن يتمّ نوره.
! ٧ < ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الاٌّ حْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَاذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ٣٤ ) يا أيها الذين..... > > معنى أكل الأموال على وجهين : إما أن يستعار الأكل للأخذ. ألا ترى إلى قولهم : أخد الطعام وتناوله. وإمّا على أن الأحوال يؤكل بها فهي سبب الأكل. ومنه قوله :% ( إنَّ لَنَا أَحْمِرَةً عِجَافَا % يَأْكُلْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ إكَافَا ) %
يريد : علفاً يشترى بثمن إكاف. ومعنى أكلهم بالباطل : أنهم كانوا يأخذون الرشا في الأحكام، والتخفيف والمسامحة في الشرائع ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ﴾ يجوز أن يكون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان، للدلالة على اجتماع خصلتين مذمومتين فيهم : أخذ البراطيل، وكنز الأموال، والضنّ بها عن الإنفاق في سبيل الخير. ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين، ويقرن بينهم وبين المرتشين من اليهود والنصارى، تغليظاً ودلالة على أن من يأخذ منهم السحت، ومن لا يعطي منكم طيب ماله : سواء في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم. وقيل : نسخت الزكاة آية الكنز. وقيل : هي ثابتة، وإنما عني بترك الإنفاق في سبيل الله منع الزكاة. وعن النبي ﷺ :