وعلى الوجه الأول لا يخلو من أن يكون كلاماً مبتدأ أو صفة لمنافقون، فصل بينها وبينه بمعطوف على خبره ﴿ مَرَدُواْ عَلَى النّفَاقِ ﴾ تمهروا فيه، من مرن فلان عمله، ومرد عليه : إذا درب به وضرى، حتى لان عليه ومهر فيه، ودال على مرانتهم عليه ومهارتهم فيه بقوله :﴿ لاَ تَعْلَمُهُمْ ﴾ أي يخفون عليك مع فطنتك وشهامتك وصدق فراستك، لفرط تنوّقهم في تحامي ما يشكك في أمرهم، ثم قال :﴿ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ أي لا يعلمهم إلاّ الله، ولا يطلع على سرهم غيره، لأنهم يبطنون الكفر في سويداوات قلوبهم إبطاناً، ويبرزون لك ظاهراً كظاهر المخلصين من المؤمنين، لا تشك معه في إيمانهم، وذلك أنهم مردوا على النفاق وضروا به، فلهم فيه اليد الطولى ﴿ سَنُعَذّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾ قيل : هما القتل وعذاب القبر. وقيل : الفضيحة وعذاب القبر. وعن ابن عباس رضي الله عنه أنهم اختلفوا في هاتين المرّتين، فقال :
( ٤٨٧ ) قام رسول الله ﷺ خطيباً يوم الجمعة فقال :( اخرج يا فلان فإنك منافق، اخرج يا فلان فإنك منافق ) فأخرج ناساً وفضحهم، فهذا العذاب الأوّل، والثاني عذاب القبر. وعن الحسن : أخذ الزكاة من أموالهم ونهك أبدانهم ﴿ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾ إلى عذاب النار.
! ٧ < ﴿ وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَءَاخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ١٠٢ ) وآخرون اعترفوا بذنوبهم..... > > ﴿اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ أي لم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة كغيرهم، ولكن اعترفوا على أنفسهم بأنهم بئس ما فعلوا متذممين نادمين، وكانوا ثلاثة : أبو لبابة مروان بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام. وقيل :