والثاني : أن يجمع بين العتاب والمنة. وقيل : السكر النبيذ. وهو عصير العنب والزبيب والتمر إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه، ثم يترك حتى يشتدّ، وهو حلال عند أبي حنيفة إلى حدّ السكر ويحتج بهذه الآية وبقوله ﷺ.
( ٥٨٦ ) ( الخمر حرام لعينها والسكر من كل شراب ) وبأخبار جمة. ولقد صنف شيخنا أبو علي الجبائي قدّس الله روحه غير كتاب في تحليل النبيذ، فلما شيخ وأخذت منه السنّ العالية قيل له : لو شربت منه ما تتقوى به، فأبى. فقيل له : فقد صنفت في تحليله، فقال : تناولته الدعارة فسمج في المروءة. وقيل : السكر الطُعم وأنشد :% ( جَعَلْتُ أَعْرَاضَ الكِرَامِ سَكَرَاً ;
أي تنقلت بأعراضهم. وقيل هو من الخمر، وإنه إذا ابترك في أعراض الناس، فكأنه تخمر بها. والرزق الحسن : الخل والرب والتمر والزبيب وغير ذلك. ويجوز أن يجعل السكر رزقاً حسناً، كأنه قيل : تتخذون منه ما هو سكر ورزق حسن.
! ٧ < ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِى مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٦٨ ) وأوحى ربك إلى..... > > الإيحاء إلى النحل : إلهامها والقذف في قلوبها وتعليمها على وجه هو أعلم به، لا سبيل لأحد إلى الوقوف عليه، وإلا فنيَّقتها في صنعتها، ولطفها في تدبير أمرها، وإصابتها فيما يصلحها، دلائل بينة شاهدة على أنّ الله أودعها علماً بذلك وفطنها، كما أولى أولي العقول عقولهم. وقرأ يحيى بن وثاب ﴿ إِلَى النَّحْلِ ﴾ بفتحتين. وهو مذكر كالنحل، وتأنيثه على المعنى ﴿ أَنِ اتَّخِذِى ﴾ هي أن المفسرة ؛ لأنّ الإيحاء فيه معنى القول. وقرىء :( بيوتاً ) بكسر الباء لأجل الياء. و ﴿ يَعْرِشُونَ ﴾ بكسر الراء وضمها : يرفعون من سقوف