والعمه مثل العمى الا أن العمى عام في البصر والرأي والعمه في الرأي خاصة وهو التحير والتردد لا يدري أين يتوجه ومنه قوله بالجاهلين العمه أي الذين لا رأي لهم ولا دراية بالطرق وسلك أرضا عمهاء لا منار بها
ومعنى اشتراء الضلالة بالهدى اختيارها عليه وإستبدالها به على سبيل الاستعارة لأن الاشتراء فيه اعطاء بدل واخذ آخر
ومنه
( أخذت بالجمة رأسا أزعرا % وبالثنايا الواضحات الدردرا )
( وبالطويل العمر عمرا حيدرا % كما اشترى المسلم اذ تنصرا )
وعن وهب قال الله عز وجل فيما يعيب به بني اسرائيل ( تفقهون لغير الدين وتعلمون لغير العمل وتبتاعون الدنيا بعمل الآخرة )
فإن قلت كيف اشتروا الضلالة بالهدى وما كانوا على هدى قلت جعلوا لتمكنهم منه واعراضه لهم كأنه في أيديهم فإذا تركوه الى الضلالة فقد عطلوه واستبدلوها به ولأن الدين القيم هو فطرة الله التي فطر الناس عليها فكل من ضل فهو مستبدل خلاف الفطرة
( والضلالة ) الجور عن القصد وفقد الاهتداء يقال ضل منزله وضل دريص نفقه فاستعير للذهاب عن الصواب في الدين
والربح الفضل على رأس المال ولذلك سمي الشف من قولك أشف بعض ولده على بعض اذا فضله
ولهذا على هذا شف والتجارة صناعة التاجر وهو الذي يبيع ويشتري للربح
وناقة تاجرة كانها من حسنها وسمنها تبيع نفسها
وقرأ ابن أبي عبلة ( تجاراتهم ) فإن قلت كيف أسند الخسران الى التجارة وهو لأصحابها قلت هو من الإسناد المجازي وهو ان يسند الفعل الى شيء يتلبس بالذي هو في الحقيقة له كما تلبست التجارة بالمشترين
فإن قلت هل يصح ربح عبدك وخسرت جاريتك على الاسناد المجازي قلت نعم إذا