الزجاج : هو نهي له ﷺ عن منازعته، كما تقول : لا يضاربنك فلان، أي : لا تضاربه. وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين ﴿ فِى الاْمْرِ ﴾ في أمر الدين. وقيل : في أمر النسائك، وقرىء :( فلا ينزعنك ) أي اثبت في دينك ثباتاً لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه. والمراد : زيادة التثبيت للنبي ﷺ بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله ولدينه. ومنه قوله :﴿ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ ءايَاتِ اللَّهِ ﴾ ( القصص : ٨٧ )، ﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ ﴾ ( الأنعام : ١٤ )، ( يونس : ١٠٥ )، ( القصص : ٨٧ )، ﴿ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لّلْكَافِرِينَ ﴾ ( القصص : ٨٦ ). وهيهات أن ترتع همة رسول الله ﷺ حول ذلك الحمى، ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب. وقال الزجاج : هو من نازعته فنزعته أنزعه، أي : غلبته، أي : لا يغلبنك في المنازعة. فإن قلت : لم جاءت نظيرة هذه الآية معطوفة بالواو وقد نزعت من هذه ؟ قلت : لأنّ تلك وقعت مع ما يدانيها ويناسبها من الآي الواردة في أمر النسائك، فعطفت على أخواتها. وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفاً.
! ٧ < ﴿ وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الحج :( ٦٨ ) وإن جادلوك فقل..... > > أي : وإن أبوا للجاجهم إلا المجادلة بعد اجتهادك أن لا يكون بينك وبينهم تنازع، فادفعهم بأن الله أعلم بأعمالكم وبقبحها وبما تستحقون عليها من الجزاء فهو مجازيكم به. وهذا وعيد وإنذار، ولكن برفق ولين.
! ٧ < ﴿ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَآءِ وَالاٌّ رْضِ إِنَّ ذالِكَ فِى كِتَابٍ إِنَّ ذالِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < الحج :( ٦٩ ) الله يحكم بينكم..... > > ﴿اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ﴾ خطاب من الله للمؤمنين والكافرين، أي : يفصل بينكم بالثواب والعقاب ومسلاة للنبي ﷺ مما كان يلقى منهم، وكيف يخفى عليه ما يعملون، ومعلوم عند العلماء بأن الله يعلم كل ما يحدث في السماوات والأرض، وقد كتبه في اللوح قبل حدوثه. والإحاطة بذلك وإثباته وحفظه عليه ﴿ يَسِيرٌ ﴾ لأن العالم بالذات لا يتعذر عليه ولا يمتنع تعلق بمعلوم.