ويكون بناء الصرح مناقضة لما ادعاه من العلم واليقين، وقد خفيت على قومه لغباوتهم وبلههم. أولم تخف عليهم، ولكن كلا كان يخاف على نفسه سوطه، وسيفه، وإنما قال :﴿ فَأَوْقِدْ لِى ياهَامَانُ عَلَى الطّينِ ﴾ ولم يقل : اطبخ لي الآجر واتخذه، لأنه أوّل من عمل الآجر، فهو يعلمه الصنعة، ولأن هذه العبارة أحسن طابقاً لفصاحة القرآن وعلوّ طبقته وأشبه بكلام الجبابرة. وأمر هامان وهو وزيره ورديفه بالإيقاد على الطين منادى باسمه بيا في وسط الكلام. دليل التعظيم والتجبر. وعن عمر رضي الله عنه أنه حين سافر إلى الشام ورأى القصور المشيدة بالآجر فقال : ما علمت أن أحداً بنى بالآجر غير فرعون. والطلوع والإطلاع : الصعود. يقال : طلع الجبل وأطلع : بمعنى.
! ٧ < ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى الاٌّ رْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِى الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٣٩ ) واستكبر هو وجنوده..... > > الاستكبار بالحق : إنما هو لله تعالى، وهو المتكبر على الحقيقة، أي : المتبالغ في كبرياء الشأن. قال رسول الله ﷺ فيما حكى عن ربه :
( ٨١٦ ) ( الكبرياء ردائي والعظمةُ إزاري، فمن نازعني واحداً منهما ألقيتُه في النار ). وكلُ مستكبر سواه فاستكباره بغير الحق ﴿ يَرْجِعُونَ ﴾ بالضم والفتح ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِى الْيَمّ ﴾ من الكلام الفخم الذي دل به على عظمة شأنه وكبرياء سلطانه. شبههم استحقاراً لهم واستقلالاً لعددهم، وإن كانوا الكثر الكثير والجم الغفير، بحصيات أخذهنّ آخذ في كفه فطرحهنّ في البحر. ونحو ذلك قوله :﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ شَامِخَاتٍ ﴾ ( المرسلات : ٢٧ )، { وَحُمِلَتِ الاْرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً