عزمة من عزمات ربنا. ومنه : عزمات الملوك. وذلك أن يقول الملك لبعض من تحت يده : عزمت عليك إلا فعلت كذا، إذا قال ذلك لم يكن للمعزوم عليه بدّ من فعله ولا مندوحة في تركه. وحقيقته : أنه من تسمية المفعول بالمصدر، وأصله من معزومات الأمور، أي : مقطوعاتها ومفروضاتها. ويجوز أن يكون مصدراً في معنى الفاعل، أصله : من عازمات الأمور، من قوله تعالى :﴿ فَإِذَا عَزَمَ الاْمْرُ ﴾ ( محمد : ٢١ ) كقولك : جد الأمر، وصدق القتال. وناهيك بهذه الآية مؤذنة بقدم هذه الطاعات، وأنها كانت مأموراً بها في سائر الأمم، وأنّ الصلاة لم تزل عظيمة الشأن، سابقة القدم على ما سواها، موصى بها في الأديان كلها.
! ٧ < ﴿ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى الاٌّ رْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاٌّ صْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ > ٧ !
< < لقمان :( ١٨ ) ولا تصعر خدك..... > > تصاعر، وتصعر : بالتشديد والتخفيف. يقال : أصعر خدّه، وصعره، وصاعره : كقولك أعلاه وعلاه وعالاه : بمعنى. والصعر والصيد : داء يصيب البعير يلوي منه عنقه. والمعنى : أقبل على الناس بوجهك تواضعاً، ولا نولهم شق وجهك وصفحته، كما يفعل المتكبرون. أراد :﴿ وَلاَ تَمْشِ ﴾ تمرح ﴿ مَرَحاً ﴾ أو أوقع المصدر موقع الحال بمعنى مرحا. ويجوز أن يريد : ولا تمش لأجل المرح والأشر، أي لا يكن غرضك في المشي البطالة والأشر كما يمشي كثير من الناس لذلك، لا لكفاية مهم ديني أو دنيوي. ونحوه قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ ﴾ ( الأنفال : ٤٧ ). والمختال : مقابل للماشي مرحاً. وكذلك الفخور للمصعر خدّه كبراً ﴿ وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ ﴾ واعدل فيه حتى يكون مشيا بين مشيين : لا تدب دبيب المتماوتين، ولا تثب وثيب الشطار. قال رسول الله ﷺ :
( ٨٥٨ ) ( سرعةُ المشي تذهبُ بهاءَ المؤمنِ ) وأما قول عائشة في عمر رضي الله عنهما ( كان إذا مشى أسرع ) فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت.