محتمل وجهين، أحدهما : أن يتجلببن ببعض ما لهنّ من الجلاليب، والمراد أن لا تكون الحرة متبذلة في درع وخمار، كالأمة والماهنة ولها جلبابان فصاعداً في بيتها. والثاني : أن ترخي المرأة بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع حتى تتميز من الأمة. وعن ابن سيرين : سألت عبيدة السلماني عن ذلك فقال : أن تضع رداءها فوق الحاجب ثم تديره حتى تضعه على أنفها. وعن السديّ : تغطي إحدى عينيها وجبهتها، والشقّ الآخر إلاّ العين، وعن الكسائي : يتقنعن بملاحفهنّ منضمة عليهنّ، أراد بالانضمام معنى الإدناء ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً ﴾ لما سلف منهن من التفريط مع التوبة ؛ لأنّ هذا مما يمكن معرفته بالعقل.
! ٧ < ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ > ٧ !
< < الأحزاب :( ٦٠ - ٦٢ ) لئن لم ينته..... > > ﴿ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات عليه. وقيل : هم الزناة وأهل الفجور من قوله تعالى :﴿ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ ( الأحزاب : ٣٢ ). ﴿ وَالْمُرْجِفُونَ ﴾ ناس كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا رسول الله ﷺ، فيقولون : هزموا وقتلوا، وجرى عليهم كيت وكيت، فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين. يقال : أرجف بكذا، إذا أخبر به على غير حقيقة، لكونه خبراً متزلزلاً غير ثابت، من الرجفة وهي الزلزلة. والمعنى : لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدكم، والفسقة عن فجورهم، والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء : لنأمرنك بأن تفعل بهم الأفاعيل التي تسوءهم وتنوءهم، ثم بأن تضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة، وإلى أن لا يساكنوك فيها ﴿ إِلا ﴾ زمناً ﴿ قَلِيلاً ﴾ ريثما يرتحلون ويلتقطون أنفسهم وعيالاتهم، فسمى ذلك إغراء، وهو التحريش على سبيل المجاز ﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ نصب على الشتم أو الحال، أي : لا يجاورونك إلاّ ملعونين، دخل حرف الاستثناء على الظرف والحال معاً، كما مرّ في قوله :﴿ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ﴾ ( الأحزاب : ٥٣ ) ولا يصحّ أن ينتصب عن ﴿ أُخِذُواْ ﴾ لأنّ ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها. وقيل : في ﴿ قَلِيلاً ﴾