السؤال الوارد على طريق التقرير، والغرض أن يقول ويقولوا، ويسأل ويجيبوا ؛ فيكون تقريعهم أشدّ، وتعبيرهم أبلغ، وخجلهم أعظم : وهو أنه ألزم، ويكون اقتصاص ذلك لطفاً لمن سمعه، وزاجراً لمن اقتص عليه. والموالاة : خلاف المعاداة. ومنها : اللَّهم وال من والاه، وعاد من عاداه. وهي مفاعلة من الولي وهو القرب، كما أنّ المعاداة من العدواء، وهي البعد، والولي : يقع على الموالي والموالى جميعاً. والمعنى أنت الذي نواليه من دونهم، إذ لا موالاة بيننا وبينهم، فبينوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفار : براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم ؛ لأنّ من كان على هذه الصفة كانت حاله منافية لذلك ﴿ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ﴾ يريدون الشياطين، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله. وقيل : صوّرت لهم الشياطين صور قوم من الجن وقالوا : هذه صور الملائكة فاعبدوها. وقيل : كانوا يدخلون في أجواف الأصنام إذا عبدت، فيعبدون بعبادتها. وقرىء :( نحشرهم ) ونقول، بالنون والياء.
! ٧ < ﴿ فَالْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ النَّارِ الَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٤٢ ) فاليوم لا يملك..... > > الأمر في ذلك اليوم لله وحده، لا يملك فيه أحد منفعة ولا مضرّة لأحد، لأنّ الدار دار ثواب وعقاب، والمثيب والمعاقب هو الله، فكانت حالها خلاف حال الدنيا التي هي دار تكليف، والناس فيها مخلى بينهم، يتضارّون ويتنافعون. والمراد : أنه لا ضارّ ولا نافع يومئذ إلا هو وحده، ثم ذكر معاقبته الظالمين بقوله :﴿ وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ معطوفاً على ﴿ لاَ يَمْلِكُ ﴾.
! ٧ < ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَاذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَاذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٤٣ ) وإذا تتلى عليهم..... > > الإشارة الأولى : إلى النبي ﷺ. والثانية : إلى القرآن. والثالثة : إلى الحق. والحق أمر النبوّة كله ودين الإسلام كما هو. وفي قوله :﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ وفي أن لم يقل وقالوا، وفي قوله :﴿ لِلْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ ﴾ وما في اللامين من الإشارة إلى القائلين والمقول فيه، وفي لما من المبادهة بالكفر : دليل على صدور الكلام عن إنكار عظيم وغضب شديد، وتعجيب من أمرهم بليغ، كأنه قال : وقال أولئك الكفرة المتمرّدون بجراءتهم على الله ومكابرتهم لمثل ذلك الحق النير قبل أن يذوقوه ﴿ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ فبتوا القضاء على أنه سحر، ثم بتوه على أنه بين ظاهر كل عاقل تأمّله سماه سحراً.