وهو ما رزوقوه من السعادة.
! ٧ < ﴿ أَذَالِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لاّكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءَابَآءَهُمْ ضَآلِّينَ * فَهُمْ عَلَىءَاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴾ > ٧ !
< < الصافات :( ٦٢ ) أذلك خير نزلا..... > > تمت قصة المؤمن وقرينه، ثم رجع إلى ذكر الرزق المعلوم فقال :﴿ أَذالِكَ ﴾ الرزق ﴿ خَيْرٌ نُّزُلاً ﴾ أي خير حاصلاً ﴿ أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾ وأصل النزل : الفضل والريع في الطعام، يقال : طعام كثير النزل، فاستعير للحاصل من الشيء، وحاصل الرزق المعلوم : اللذة والسرور، وحاصل شجرة الزقوم : الألم والغمّ، وانتصاب نزلاً على التمييز، ولك أن تجعله حالاً، كما تقول : أثمر النخلة خير بلحاً أم رطباً ؟ يعني أنّ الرزق المعلوم نزل أهل الجنة. وأهل النار نزلهم شجرة الزقوم، فأيهما خير في كونه نزلاً. والنزل : ما يقال للنازل بالمكان من الرزق. ومنه إنزال الجند لأرزاقهم، كما يقال لما يقام لساكن الدار : السكن. ومعنى الأوّل : أَنّ للرزق المعلوم نزلاً، ولشجر الزقوم نزلاً، فأيهما خير نزلاً. ومعلوم أنه لا خير في شجرة الزقوم، ولكن المؤمنين لما اختاروا ما أدى إلى الرزق المعلوم واختار الكافرون ما أدى إلى شجرة الزقوم قيل لهم ذلك توبيخاً على سوء اختيارهم ﴿ فِتْنَةً لّلظَّالِمِينَ ﴾ محنة وعذاباً لهم في الآخرة. أو ابتلاء لهم في الدنيا، وذلك أنهم قالوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر، فكذبوا. وقرىء :( نابتة ) ﴿ فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ ﴾ قيل : منبتها في قعر جهنم، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها : والطلع للنخلة، فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها : إما استعارة لفظية، أو معنوية، وشبه برؤوس الشياطين دلالة على تناهيه في الكراهية وقبح المنظر ؛ لأنّ الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس، لاعتقادهم أنه شرّ محض لا يخلطه خير، فيقولون في القبيح الصورة : كأنه وجه شيطان، كأنه رأس شيطان، وإذا صوّره المصورون : جاؤا بصورته على أقبح ما يقدر وأهوله ؛ كما أنهم اعتقدوا في ذلك أنه خير محض لا شرّ فيه، فشبهوا به الصورة الحسنة. قال الله تعالى :﴿ مَا هَاذَا بَشَرًا إِنْ هَاذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ ( يوسف : ٣١ ) وهذا تشبيه تخييلي. وقيل : الشيطان حية عرفاء لها صورة قبيحة المنظر هائلة جداً. وقيل : إنّ شجراً يقال له الأستن خشناً منتناً مراً منكر الصورة، يسمى ثمره : رؤوس الشياطين. وما سمت العرب هذا الثمر برؤوس الشياطين إلاّ قصداً إلى أحد التشبيهين، ولكنه بعد التسمية بذلك رجع أصلاً ثالثاً يشبه به ﴿ مِنْهَا ﴾ من الشجرة، أي من