وبورك لك في الموهوب. ولذلك وقعت التسمية بهبة الله، وبموهوب، ووهب وموهب، وقد انطوت البشارة على ثلاث : على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ أوان الحلم، وأنه يكون حليماً، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح، فقال : ستجدني إن شاء الله من الصابرين، ثم استسلم لذلك. وقيل : ما نعت الله به إبراهيم في قوله :﴿ إِنَّ إِبْراهِيمَ لاوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ ( التوبة : ١١٤ )، ﴿ إِنَّ إِبْراهِيمَ * أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴾ ( هود : ٧٥ ) لأنّ الحادثة شهدت بحملهما جميعاً.
! ٧ < ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ يابُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ ياأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ > ٧ !
< < الصافات :( ١٠٢ ) فلما بلغ معه..... > > فلما بلغ أن يسعى مع أبيه في أشغاله وحوائجه. فإن قلت :﴿ مَعَهُ ﴾ بم يتعلق ؟ قلت : لا يخلو إما أن يتعلق ببلغ، أو بالسعي، أو بمحذوف، فلا يصح تعلقه ببلغ لاقتضائه بلوغهما معاً حدّ السعي، ولا بالسعي لأنّ صلة المصدر لا تتقدم عليه، فبقي أن يكون بياناً، كأنه لما قال : فلما بلغ السعي أي الحدّ الذي يقدر فيه على السعي قيل : مع من ؟ فقال مع أبيه. والمعنى في اختصاص الأب أنه أرفق الناس به، وأعطفهم عليه، وغيره ربما عنف به في الاستسعاء فلا يحتمله، لأنه لم تستحكم قوته ولم يصلب عوده، وكان إذ ذاك ابن ثلاث عشرة سنة. والمراد : أنه على غضاضة سنة وتقلبه في حدّ الطفولة، كان فيه من رصانة الحلم وفسحة الصدر ما جسره على احتمال تلك البلية العظيمة والإجابة بذلك الجواب الحكيم : أتي في المنام فقيل له : اذبح ابنك، ورؤيا الأنبياء وحي كالوحي في اليقظة، فلهذا قال :﴿ إِنّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ ﴾ فذكر تأويل الرؤيا، كما يقول الممتحن وقد رأى أنه راكب في سفينة : رأيت في المنام أني ناج من هذه المحنة، وقيل : رأى ليلة التروية كأن قائلاً يقول له : إنّ الله يأمرك بذبح ابنك هذا، فلما أصبح روى في ذلك من الصباح إلى الرواح، أمن الله هذا الحلم أو من الشيطان ؟ فمن ثم سمي يوم التروية، فلما أمسى رأى مثل ذلك، فعرف أنه من الله، فمن ثم سمي يوم عرفة، ثم رأى مثله في الليلة الثالثة، فهم بنحره فسمي اليوم يوم النحر. وقيل : إنّ الملائكة حين بشّرته بغلام حليم قال : هو إذن ذبيح الله. فلما ولد وبلغ حدّ السعي معه قيل له : أوف بنذرك ﴿ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ من الرأي على وجه المشاورة. وقرىء :( ماذا ترى ) (،

__________


الصفحة التالية
Icon