إنّ العطاء إسار ؛ وتبعه من قال :% ( وَمَنْ وَجَدَ الإحْسَانَ قَيْداً تَقَيَّدَا ;
وفرقوا بين الفعلين فقالوا : صفده قيده، وأصفده أعطاه، كوعده وأوعده، أي :﴿ هَاذَا ﴾ الذي أعطيناك من الملك والمال والبسطة ﴿ عَطَاؤُنَا ﴾ بغير حساب، يعني : جماً كثيراً لا يكاد يقدر على حسبه وحصره ﴿ فَامْنُنْ ﴾ من المنة وهي العطاء، أي : فأعط منه ما شئت ﴿ أَوْ أَمْسِكْ ﴾ مفوّضاً إليك التصرف فيه. وفي قراءة ابن مسعود : هذا فامنن أو أمسك عطاؤنا بغير حساب، أو هذا التسخير عطاؤنا، فامنن على من شئت من الشياطين بالإطلاق، وأمسك من شئت منهم في الوثاق بغير حساب، أي لا حساب عليك في ذلك.
! ٧ < ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَاذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لاٌّ وْلِى الاٌّ لْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٤١ ) واذكر عبدنا أيوب..... > > ﴿أَيُّوبَ ﴾ عطف بيان. و ﴿ إِذْ ﴾ بدل اشتمال منه ﴿ أَنّى مَسَّنِىَ ﴾ بأني مسني : حكاية لكلامه الذي ناداه بسببه، ولو لم يحك لقال بأنه مسّه : لأنه غائب. وقرىء :( بنصب ) بضم النون وفتحها مع سكون الصاد، وبفتحهما، وضمهما، فالنصب والنصب : كالرشد الرشد، والنصب : على أصل المصدر، والنصب : تثقيل نصب، والمعنى واحد، وهو التعب والمشقة. والعذاب : الألم، يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب. وقيل : الضرّ في البدن، والعذاب في ذهاب الأهل والمال. فإن قلت : لم نسبه إلى الشيطان، ولا يجوز أن يسلطه الله على أنبيائه ليقضي من أتعابهم وتعذيبهم وطره، ولو قدر على ذلك لم يدع صالحاً إلا وقد نكبه وأهلكه، وقد تكرّر في القرآن أنه لا سلطان له إلا الوسوسة فحسب ؟ قلت : لما كانت وسوسته إليه وطاعته له فيما وسوس سبباً فيما مسه الله به من النصب والعذاب، نسبه إليه، وقد راعى الأدب في ذلك حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه، مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو. وقيل : أراد ما كان يوسوس به