قائمة، وإما أعراضها مبسوطة مع وجود صورة الضرب، وكان السبب في يمينه أنها أبطأت عليه ذاهبة في حاجة فحرج صدره، وقيل : باعت ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق أيوب إذا قام. وقيل : قال لها الشيطان : اسجدي لي سجدة فأردّ عليكم مالكم وأولادكم، فهمت بذلك فأدركتها العصمة، فذكرت ذلك له، فحلف. وقيل : أوهمها الشيطان أن أيوب إذا شرب الخمر برأ، فعرضت له بذلك. وقيل : سألته أن يقرب للشيطان بعناق ﴿ وَجَدْنَاهُ صَابِراً ﴾ علمناه صابراً. فإن قلت : كيف وجده صابراً وقد شكا إليه ما به واسترحمه ؟ قلت : الشكوى إلى الله عزّ وعلا لا تسمى جزعاً، ولقد قال يعقوب عليه السلام :﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ ﴾ ( يوسف : ٨٦ ) وكذلك شكوى العليل إلى الطبيب، وذلك أن أصبر الناس على البلاء لا يخلو من تمني العافية وطلبها، فإذا صحّ أن يسمى صابراً مع تمني العافية وطلب الشفاء، فليسم صابراً مع اللجإ إلى الله تعالى، والدعاء بكشف ما به ومع التعالج ومشاورة الأطباء، على أن أيوب عليه السلام كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة، حيث كان الشيطان يوسوس إليهم كما كان يوسوس إليه أنه لو كان نبياً لما ابتلي بمثل ما ابتلي به، وإرادة القوة على الطاعة، فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق منه إلاّ القلب واللسان. ويروي : أنه قال في مناجاته : إلهي قد علمت أنه لم يخالف لساني قلبي، ولم يتبع قلبي بصري، ولم يهبني ما ملكت يميني، ولم آكل إلاّ ومعي يتيم، ولم أبت شبعان ولا كاسياً ومعي جائع أو عريان ؛ فكشف الله عنه.
! ٧ < ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الاٌّ يْدِى وَالاٌّ بْصَارِ * إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الاٌّ خْيَارِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٤٥ - ٤٧ ) واذكر عبادنا إبراهيم..... > > ﴿ إِبْراهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ عطف بيان لعبادنا. ومن قرأ :( عبدنا ) جعل إبراهيم وحده عطف بيان له، ثم عطف ذريته على عبدنا، وهي إسحاق ويعقوب، كقراءة ابن عباس : وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق. ولما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت، فقيل : في كل عمل هذا مما عملت أيديهم، وإن كان عملاً لا يتأتى فيه المباشرة بالأيدي، أو كان العمال جذماً لا أيدي لهم، وعلى ذلك ورد قوله عزّ وعلا :﴿ أُوْلِى الاْيْدِى وَالاْبْصَارِ ﴾ يريد : أولي الأعمال والفكر، كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة،