كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَاتِى فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } > ٧ !
< < الزمر :( ٥٤ ) وأنيبوا إلى ربكم..... > > ﴿وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبّكُمْ ﴾ وتوبوا إليه ﴿ وَأَسْلِمُواْ لَهُ ﴾ وأخلصوا له العمل، إنما ذكر الإنابة على أثر المغفرة لئلا يطمع طامع في حصولها بغير توبة، وللدلالة على أنها شرط فيها لازم لا تحصل بدونه ﴿ وَاتَّبِعُواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ ﴾ مثل قوله :﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ ( الزمر : ١٨ ). ﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾ أي يفجؤكم وأنتم غافلون، كأنكم لا تخشون شيئاً لفرط غفلتكم وسهوكم ﴿ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ﴾ كراهة أن تقول. فإن قلت : لم نكرت ؟ قلت : لأنّ المراد بها بعض الأنفس، وهي نفس الكافر. ويجوز أن يراد : نفس متميزة من الأنفس : إما بلجاج في الكفر شديد. أو بعذاب عظيم. ويجوز أن يراد التكسير، كما قال الأعشى :% ( وَرَبَّ بَقِيعٍ لَوْ هَتَفْتُ بِحَوِّه % أَتَانِي كَرِيمٌ يَنْفُضُ الرَّأْسَ مُغْضَبَا ) %
وهو يريد : أفواجاً من الكرام ينصرونه، لا كريماً واحداً. ونظيره : ربّ بلد قطعت، ورب بطل قارعت. وقد اختلس الطعنة ولا يقصد إلاّ التكسير. وقرىء :( يا حسرتي ) على الأصل. ويا حسرتاي، على الجمع بين العوض والمعوّض منه. والجنب : الجانب، يقال : أنا في جنب فلان وجانبه وناحيته، وفلان لين الجنب والجانب، ثم قالوا : فرّط في جنبه وفي جانبه، يريدون في حقه. قال سابق البربري :% ( أَمَا تَتَّقِينَ اللَّهَ فِي جَنْبِ وَامِق % لَهُ كَبِدٌ حَرَّى عَلَيْكَ تَقَطَّعُ ) %
وهذا من باب الكناية ؛ لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الرجل وحيزه، فقد أثبته فيه. ألا ترى إلى قوله :% ( إنَّ السَّمَاحَةَ وَالْمُرُوءَة وَالنَّدَى % فِي قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الْحَشْرَجِ ) %
ومنه قول الناس : لمكانك فعلت كذا، يريدون : لأجلك. وفي الحديث :
( ٩٧١ ) ( من الشرك الخفيّ أن يصلي الرجل لمكان الرجل ) وكذلك : فعلت هذا