السماوات وما فيها في يومين : في يوم الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة، فخلق آدم وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة. وفي هذا دليل على ما ذكرت، من أنه لو قيل : في يومين في موضع أربعة أيام سواء، لم يعلم أنهما يومان كاملان أو ناقصان. فإن قلت : فلو قيل : خلق الأرض في يومين كاملين وقدر فيها أقواتها في يومين كاملين. أو قيل : بعد ذكر اليومين : تلك أربعة سواء ؟ قلت : الذي أورده سبحانه أخصر وأفصح وأحسن طباقاً لما عليه التنزيل من مغاصاة القرائح ومصاك الركب، ليتميز الفاضل من الناقص، والمتقدم من الناكص، وترتفع الدرجات، ويتضاعف الثواب، ﴿ أَمْرِهَا ﴾ ما أمر به فيها ودبره من خلق الملائكة والنيرات وغير ذلك. أو شأنها وما يصلحها ﴿ وَحِفْظاً ﴾ وحفظناها حفظاً، يعني من المسترقة بالثواقب. ويجوز أن يكون مفعولاً له على المعنى، كأنه قال : وخلقنا المصابيح زينة وحفظاً.
! ٧ < ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَآءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لاّنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < فصلت :( ١٣ ) فإن أعرضوا فقل..... > > ﴿فَإِنْ أَعْرَضُواْ ﴾ بعد ما تتلو عليهم من هذه الحجج على وحدانيته وقدرته، فحذرهم أن تصيبهم صاعقة، أي : عذاب شديد الوقع كأنه صاعقة. وقرىء :( صعقة ) ( مثل ) صعقة عاد وثمود : وهي المرة من الصعق أو الصعق. يقال : صعقته الصاعقة صعقاً فصعق صعقاً، وهو من باب : فعلته ففعل ﴿ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ أي : أتوهم من كل جانب، واجتهدوا بهم وأعملوا فيهم كل حيلة، فلم يروا منهم إلاّ العتوّ والإعراض، كما حكى الله تعالى عن الشيطان :﴿ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ ( الأعراف : ١٧ ) يعني لآتينهم من كل جهة، ولأعملن فيهم كل حيلة، وتقول : استدرت بفلان من كل جانب، فلم يكن لي فيه حيلة. وعن الحسن أنذروهم من وقائع الله فيمن قبلهم من الأمم وعذاب الآخرة ؛ لأنهم إذا حذروهم ذلك فقد جاؤهم بالوعظ من جهة الزمن الماضي وما جرى فيه على الكفار، ومن جهة المستقبل وما سيجري عليهم. وقيل : معناه إذا جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم. فإن قلت : الرسل الذين من قبلهم ومن بعدهم كيف يوصفون بأنهم جاؤهم، وكيف يخاطبونهم بقولهم :( إنا بما أرسلتم به كافرون ) ؟ قلت : قد جاءهم هود وصالح داعيين إلى الإيمان بهما وبجميع الرسل ممن جاء من بين أيديهم،

__________


الصفحة التالية
Icon