اولئك جن نصيبين وكانوا اثنى عشر ألفاً، والسورة التي قرأها عليهم :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ ﴾ ( العلق : ١ ). فإن قلت : كيف قالوا :﴿ مِن بَعْدِ مُوسَى ﴾ ؟ قلت : عن عطاء رضي الله عنه : أنهم كانوا على اليهودية. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنّ الجنّ لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام، فلذلك قالت ﴿ مِن بَعْدِ مُوسَى ﴾. فإن قلت : لم بعَّض في قوله :﴿ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ ؟ قلت : لأن من الذنوب مالا يغفر بالإيمان كذنوب المظالم ونحوها. ونحوه قوله عزّ وجل :﴿ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ ( نوح : ٣ ٤ ). فإن قلت : هل للجن ثواب كما للإنس ؟ قلت : اختلف فيه فقيل : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار، لقوله تعالى :﴿ وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ وإليه كان يذهب أبو حنيفة رحمه الله. والصحيح أنهم في حكم بني آدم، لأنهم مكلفون مثلهم ﴿ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى الاْرْضَ ﴾ أي : لا ينجي منه مهرب، ولا يسبق قضاءه سابق. ونحوه قوله تعالى :﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِى الاْرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً ﴾ ( الجن : ١٢ ).
! ٧ < ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْىِ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < الأحقاف :( ٣٣ ) أو لم يروا..... > > ﴿ بِقَادِرٍ ﴾ محله الرفع ؛ لأنه خبر أن، يدل عليه قراءة عبد الله ( قادر ) وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أوّل الآية على أن وما في حيزها. وقال الزجاج : لو قلت : ما ظننت أنّ زيداً يغائم : جاز، كأنه قيل : أليس الله بقادر. ألا ترى إلى وقوع بلى مقرّره للقدرة على كل شيء من البعث وغيره، لا لرؤيتهم. وقرىء :( يقدر )، ويقال : عييت بالأمر، إذا لم تعرف وجهه. ومنه :﴿ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الاْوَّلِ ﴾ ( ق : ١٥ ).
! ٧ < ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ > ٧ !
< < الأحقاف :( ٣٤ ) ويوم يعرض الذين..... > > ﴿ أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقّ ﴾ محكى بعد قول مضمر، وهذا المضمر هو ناصب الظرف. وهذا إشارة إلى العذاب، بدليل قوله تعالى :﴿ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ ﴾ والمعنى : التهكم بهم،