المسجد الحرام، فنزلت. ومعنى :﴿ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا ﴾ صدقه في رؤياه ولم يكذبه تعالى الله عن الكذب وعن كل قبيح علواً كبيراً فحذف الجارّ وأوصل الفعل، كقوله تعالى :﴿ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ ( الأحزاب : ٢٣ ). فإن قلت : بم تعلق ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ ؟ قلت : إمّا بصدق، أي : صدقه فيما رأى، وفي كونه وحصوله صدقاً ملتبساً بالحق : أي بالغرض الصحيح والحكمة البالغة، وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمن المخلص، وبين من في قلبه مرض، ويجوز أن يتعلق بالرؤيا حالاً منها أي : صدقه الرؤيا ملتبساً بالحق، على معنى أنها لم تكن من أضغاث الأحلام. ويجوز أن يكون ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ قسماً : إمّا بالحق الذي هو نقيض الباطل. أو بالحق الذي هو من أسمائه. و ﴿ لَتَدْخُلُنَّ ﴾ جوابه. وعلى الأوّل هو جواب قسم محذوف. فإن قلت : ما وجه دخول ﴿ إِن شَاء اللَّهُ ﴾ في أخبار الله عز وجل ؟ قلت : فيه وجوه : أن يعلق عدته بالمشيئة تعليماً لعباده أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك، متأدّبين بأدب الله، ومقتدين بسنته. وأن يريد : لتدخلنّ جميعاً إن شاء الله ولم يمت منكم أحداً، أو كان ذلك على لسان ملك، فأدخل الملك إن شاء الله. أو هي حكاية ما قال رسول الله ﷺ لأصحابه وقصّ عليهم. وقيل : هو متعلق بآمنين ﴿ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ ﴾ من الحكمة والصواب في تأخير فتح مكة إلى العام القابل ﴿ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ ﴾ أي من دون فتح مكة ﴿ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ وهو فتح خيبر، لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود.
! ٧ < ﴿ هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ﴾ > ٧ !
< < الفتح :( ٢٨ ) هو الذي أرسل..... > > ﴿ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ ﴾ بدين الإسلام ﴿ لِيُظْهِرَهُ ﴾ ليعليه ﴿ عَلَى الدّينِ كُلّهِ ﴾ على جنس الدين كله، يريد : الأديان المختلفة من أديان المشركين والجاحدين من أهل الكتاب : وقد حقق ذلك سبحانه، فإنك لا ترى ديناً قط إلا وللإسلام دونه العز والغلبة. وقيل : هو عند نزول عيسى حين لا يبقى على وجه الأرض كافر. وقيل : هو إظهاره بالحجج والآيات. وفي هذه الآية تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على أنّ الله تعالى سيفتح لهم من البلاد ويقيض لهم من الغلبة على الأقاليم ما يستقلون إليه من فتح مكة ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ﴾ على أنّ ما وعده كائن. وعن الحسن رضي الله عنه : شهد على نفسه أنه سيظهر دينك.