لما نزلت قيل : من هم يا رسول الله، فوضع يده على سلمان ثم قال :( لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجال من هؤلاء ) وقيل : هم الذين يأتون من بعدهم إلى يوم القيامة، ويجوز أن ينتصب عطفاً على المنصوب في ﴿ وَيُعَلّمُهُمُ ﴾ أي : يعلمهم ويعلم آخرين ؛ لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مستنداً إلى أوّله، فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ في تمكينه رجلاً أميّاً من ذلك الأمر العظيم، وتأييده عليه، واختياره إياه من بين كافة البشر ﴿ ذَلِكَ ﴾ الفضل الذي أعطاه محمداً وهو أن يكون نبي أبناء عصره، ونبي أبناء العصور الغوابر. هو ﴿ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ﴾ إعطاءه وتقتضيه حكمته.
! ٧ < ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ > ٧ !
< < الجمعة :( ٥ ) مثل الذين حملوا..... > > شبه اليهود في أنهم حملة التوراة وقرّاؤها وحفاظ ما فيها، ثم إنهم غير عاملين بها ولا منتفعين بآياتها، وذلك أنّ فيها نعت رسول الله ﷺ والبشارة به ولم يؤمنوا به بالحمار حمل أسفاراً، أي كتباً كباراً من كتب العلم، فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبيه وظهره من الكد والتعب. وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله، وبئس المثل ﴿ بِئْسَ ﴾ مثلاً ﴿ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِ اللَّهِ ﴾ وهم اليهود الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صحة نبوّة محمد ﷺ. ومعنى :﴿ حُمّلُواْ التَّوْرَاةَ ﴾ : كلفوا علمها والعمل بها، ﴿ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ﴾ ثم لم يعملوا بها، فكأنهم لم يحملوها. وقرىء :( حملوا التوراة )، أي حملوها ثم لم يحملوها في الحقيقة لفقد العمل. وقرىء :( يحمل الأسفار ) فإن قلت :( يحمل ) ما محله ؟ قلت : النصب على الحال، أو الجر على الوصف ؛ لأنّ الحمار كاللئيم في قوله :% ( وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي ;
! ٧ < ﴿ قُلْ ياأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ > ٧ { < الجمعة :( ٦ ) قل يا أيها..... > >