ارتضاه الله وهم مسخوط عليهم. وفيه دليل على أنّ الشفاعة تنفع يومئذ ؛ لأنها تزيد في درجات المرتضين.
! ٧ < ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ * بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً * كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الاٌّ خِرَةَ * كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ > ٧ !
< < المدثر :( ٤٩ - ٥٦ ) فما لهم عن..... > > ﴿ عَنِ التَّذْكِرَةِ ﴾ عن التذكير وهو العظة، يريد : القرآن أو غيره من المواعظ و ﴿ مُعْرِضِينَ ﴾ نصب على الحال، كقولك : مالك قائماً ( والمستنفرة ) الشديدة النفار كأنها تطلب النفار من نفوسها في جمعها له وحملها عليه. وقرىء بالفتح : وهي المنفرة المحمولة على النفار : والقسورة : جماعة الرماة الذين يتصيدونها. وقيل : الأسد يقال : ليوث قساور وهي فعولة من القسر : وهو القهر والغلبة، وفي وزنه ( الحيدرة ) من أسماء الأسد. وعن ابن عباس : ركز الناس وأصواتهم. وعن عكرمة : ظلمة الليل، شبههم في إعراضهم عن القرآن واستماع الذكر والموعظة وشرادهم عنه، بحمر جدت في نفارها مما أفزعها. وفي تشبيههم بالحمر : مذمة ظاهرة وتهجين لحالهم بين. كما في قوله :﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾ ( الجمعة : ٥ )، وشهادة عليهم بالبله وقلة العقل. ولا ترى مثل نفار حمير الوحش واطرادها في العدو إذا رأبها رائب ؛ ولذلك كان أكثر تشبيهات العرب في وصف الإبل وشدّة سيرها بالحمر، وعدوها إذا وردت ماء فأحست عليه بقانص ﴿ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً ﴾ قراطيس تنشر وقرأ كالكتب التي يتكاتب بها أو كتباً كتبت في السماء ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد ؛ وذلك أنهم قالوا لرسول الله ﷺ : لن نتبعك حتى تأتي كل واحد منا بكتب من السماء عنوانها من رب العالمين إلى فلان بن فلان، نؤمر فيها باتباعك ونحوه قوله :﴿ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى * تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَءهُ ﴾ ( الإسراء : ٩٣ )، وقال :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ الآية ( الأنعام : ٧ ). وقيل : قالوا إن كان محمد صادقاً فليصبح عند رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار. وقيل : كانوا يقولون : بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح مكتوباً على رأسه ذنبه وكفارته، فأتنا بمثل ذلك ؛ وهذا من الصحف المنشرة بمعزل. إلا أن يراد بالصحف المنشرة : الكتابات الظاهرة المكشوفة. وقرأ سعيد بن جبير :( صحفا منشرة ) بتخفيفهما، على أن أنشر الصحف ونشرها : واحد، كأنزله ونزله. ردعهم بقوله ﴿ كَلاَّ ﴾ عن تلك الإرادة، وزجرهم عن اقتراح الآيات، ثم قال :﴿ بَل لاَّ يَخَافُونَ الاْخِرَةَ ﴾ فلذلك أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف، ثم

__________


الصفحة التالية
Icon