العظيم بالقياس إلى ما أعدّلهم في الآخرة، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به. وعن عمر بن عبيد : كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال : إن عند الله أسواطاً كثيرة، فأخذهم بسوط منها. المرصاد : المكان الذي يترتب فيه الرصد ( مفعال ) من رصده. كالميقات من وقته. وهذامثل لإرصاده العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه. وعن بعض العرب أنه قيل له : أين ربك ؟ فقال : بالمرصاد. وعن عمرو بن عبيد رحمه الله أنه قرأ هذه السورة عند بعض الظلمة حتى بلغ هذه الآية فقال : إنّ ربك لبالمرصاد يا فلان، عرّض له في هذا النداء بأنه بعض من توعد بذلك من الجبابرة، فالله درّه أيُّ أسد فرّاس كان بين ثوبيه، يدق الظلمة بإنكاره، ويقصع أهل الأهواء والبدع باحتجاجه.
! ٧ < ﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَكْرَمَنِ * وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَهَانَنِ ﴾ > ٧ !
< < الفجر :( ١٥ ) فأما الإنسان إذا..... > > فإن قلت : بم اتصل قوله ﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ ﴾ ؟ قلت : بقوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ كأنه قيل : إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعي للعاقبة، وهو مرصد بالعقوبة للعاصي ؛ فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها. فإن قلت : فكيف توازن قوله، فأما الإنسان، ﴿ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ ﴾ وقوله :﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ ﴾ وحق التوازن أن يتقابل الواقعان بعد أما وأما، تقول : أما الإنسان فكفور، وأما الملك فشكور. أما إذا أحسنت إلى زيد فهو محسن إليك ؛ وأما إذا أسأت إليه فهو مسيء إليك ؟ قلت : هما متوازنان من حيث إنّ التقدير : وأما هو إذا ما ابتلاه ربه ؛ وذلك أن قوله ﴿ فَيَقُولُ رَبّى أَكْرَمَنِ ﴾ خبر المبتدأ الذي هو الإنسان، ودخول الفاء لما في ( أما ) من معنى الشرط، والظرف المتوسط بين المبتدأ والخبر في تقدير التأخير، كأنه قيل : فأما الإنسان فقائل ربي أكرمن وقت الابتلاء، فوجب أن يكون ﴿ فَيَقُولُ ﴾ الثاني خبر لمبتدأ واجب تقديره. فإن قلت : كيف سمي كلا الأمرين من بسط الرزق وتقديره ابتلاء ؟ قلت : لأنّ كل واحد منهما اختبار للعبد، فإذا بسط له فقد اختبر حاله أيشكر أو يكفر ؟ وإذا قدر