وأصل دسى : دسس، كما قيل في تقضض : تقضى. وسئل ابن عباس عنه فقال : أتقرأ :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴾، ( الأعلى : ١٤ ) ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ﴾ ( طه : ١١١ ). وأما قول من زعم أنّ الضمير في زكّى ودسى لله تعالى، وأنّ تأنيث الراجع إلى من ؛ لأنه في معنى النفس : فمن تعكيس القدرية الذين يورّكون على الله قدراً هو بريء منه ومتعال عنه، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه، فإن قلت : فأين جواب القسم ؟ قلت : هو محذوف تقديره : ليد مد منّ الله عليهم، أي : على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله ﷺ، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً. وأما ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾ فكلام تابع لقوله :﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء.
! ٧ < ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ * إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ > ٧ !
< < الشمس :( ١١ ) كذبت ثمود بطغواها > > الباء في ﴿ بِطَغْوَاهَا ﴾ مثلها في : كتبت بالقلم. والطغوى من الطغيان : فصلوا بين الاسم والصفة في فعلى من بنات الياء، بأن قلبوا الياء واواً في الاسم، وتركوا القلب في الصفة، فقالوا : أمرأة خزيى وصديى، يعني : فعلت التكذيب بطغيانها، كما تقول : ظلمني بجرءته على الله. وقيل : كذبت بما أوعدت به من عذابها ذي الطغوى كقوله :﴿ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ ﴾ ( الحاقة : ٥ )، وقرأ الحسن :( بطغواها ) بضم الطاء كالحسنى والرجعى في المصادر ﴿ إِذِ انبَعَثَ ﴾ مصنوب بكذبت. أو بالطغوى. و ﴿ أَشْقَاهَا ﴾ قدار بن سالف. ويجوز أن يكونوا جماعة، والتوحيد لتسويتك في أفعل التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وكان يجوز أن يقال : أشقوها، كما تقول : أفاضلهم. والضمير في ﴿ ﴾ يجوز أن يكون للأشقين والتفضيل في الشقاوة، لأنّ من تولى الفقر وباشره كانت شقاوته أظهر وأبلغ. و ﴿ نَاقَةُ اللَّهِ ﴾ نصب على التحذير، كقولك الأسد الأسد، والصبي الصبي، بإضمار : ذروا أو أحذروا عقرها ﴿ وَسُقْيَاهَا ﴾ فلا تزووها عنها، ولا تستأثروا بها عليها ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ فيما حذرهم منه من نزول العذاب إن فعلوا ﴿ فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ ﴾ فأطلق عليهم العذاب، وهو من تكرير قولهم : ناقة مدمومة : إذا ألبسها الشجم ﴿ بِذَنبِهِمْ ﴾ بسبب ذنبهم. وفيه إنذار عظيم بعاقبه الذنب، فعل كل مذنب أن يعتبر ويحذر ﴿ فَسَوَّاهَا ﴾ الضمير للدمدمة، أي : فسوّاها بينهم لم يفلت منها صغيرهم ولا