الإجابة
الحمد لله
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (1464)
أن النسخ في القرآن ثلاثة أنواع :
1. نسخ التلاوة والحكم ، كنسخ العشر الرضعات التي كانت تحرم الرضيع على المرضعة ،
فنسخ لفظها ، وحكمها .
2. نسخ التلاوة دون الحكم ، كنسخ آية رجم الزاني والزانية .
3. نسخ الحكم دون التلاوة ، كنسخ آية : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ
وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ
إِخْرَاجٍ ) البقرة/ 240 .
ثانيا :
صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقنت في الصبح بقنوت الخلع
والحفد ، وصح إطلاق اسم "السورتين" على هذا القنوت .
فسورة "الخلع" هي ( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا
نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ) .
وسورة "الحفد" هي : ( اللهم إياك نعبد, ولك نصلي ونسجد, وإليك نسعى ونحفد, نرجو
رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق ) .
فصح عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : " سَمِعْتُ عُمَرَ يَقْنُتُ فِي
الْفَجْرِ يَقُولُ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُك وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ ،
وَلاَ نَكْفُرُك .
ثُمَّ قَرَأَ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ
وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ
وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكَافِرينَ مُلْحِقٌ ، اللَّهُمَّ
عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِك " .
رواه ابن أبي شيبة في"مصنفه" (2 /315) وعبد الرزاق في "مصنفه" (4969)
زاد عبد الرزاق : عن عبيد بن عمير قال : " القنوت قبل الركعة الآخرة من الصبح "،
وذكر أنه بلغه أنهما سورتان في مصحف ابن مسعود .
وانظر: "صلاة الوتر" - للمروزي (ص 105) .
وصح عن طاووس : " أنه سمع ابن عباس يقول : قنت عمر قبل الركعة بهاتين السورتين " .
رواه عبد الرزاق (3 /114) والطبري في "تهذيب الآثار" - مسند ابن عباس (1/319) .
وروى الطبري أيضا (1/353) بسند صحيح عن معبد بن سيرين قال : " صليت خلف عمر بن
الخطاب رضوان الله عليه صلاة الصبح فقنت بعد الركوع بالسورتين " .
وروى أيضا (1/355) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى قال : " صليت مع عمر بن الخطاب
رضى الله عنه فقنتت بالسورتين : " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ونؤمن بك
ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو
رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق "
ثالثا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (1603)
أن هذا الدعاء يمكن أن يكون ثابتا في مصاحف بعض الصحابة رضي الله عنهم ، ولكن ليس
على أنه من القرآن الذي استقر أمره بالعرضة الأخيرة ؛ فإن مصاحف الصحابة كان فيها
الشرح والفقه ، وكان فيها ما نُسخت تلاوته ، وهاتان السورتان كانتا مما نزل من
القرآن ثم نسخت تلاوتهما ، وبقي بعض الصحابة يقرؤهما في قنوته ؛ لما فيهما من دعاء
وثناء على الله .
وقال الزركشي في "البرهان" (2/37) : " ذكر الإمام المحدث أبو الحسين أحمد بن جعفر
المنادي في كتابه الناسخ والمنسوخ مما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه
سورتا القنوت في الوتر ، قال : ولا خلاف بين الماضين والغابرين أنهما مكتوبتان في
المصاحف المنسوبة إلى أبي بن كعب ، وأنه ذكر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه أقرأه إياهما ، وتسمى سورتي الخلع والحفد " انتهى .
وانظر : "الدر المنثور" (8/695-698) .
فغاية ما في الأمر : أن دعاء
القنوت كان من القرآن أول الأمر ، ثم نسخ من القرآن الكريم ، وبقي لفظه ؛ لإطباق
الصحابة على ذلك .
وأما ما يشنع به أعداء الله من التنصيريين والملحدين والرافضة أن مثل هذا يعد طعنا
في القرآن ، وأن أهل السنة يختلفون فيه ، فيزيد بعضهم فيه على بعض : فهو محض افتراء
؛ لأن إثبات النسخ في القرآن معلوم من الدين بالضرورة ، لا ينكره إلا جاهل أو مكابر
، فإذا ثبت هذا كان غاية ما في الأمر ما تقدم من كون ذلك كان قرآنا ثم نسخت تلاوته
.
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : ()
، () .
والله تعالى أعلم .