الإجابة
الحمد لله
أولاً :
قال تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) الفجر/ 4 .
قرئ بإثبات الياء وصلا ووقفا ، وقرئ بحذفها وصلا ووقفا ، وقرئ بإثباتها وصلا وحذفها
وقفا .
قال القرطبي رحمه الله :
" قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَيَعْقُوبُ" يَسْرِي" بِإِثْبَاتِ
الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ ، عَلَى الْأَصْلِ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَجْزُومَةٍ
، فَثَبَتَتْ فِيهَا الْيَاءُ ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو بِإِثْبَاتِهَا
فِي الْوَصْلِ ، وَبِحَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ ، وَرُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ ،
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ مَرَّةً بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ
فِي الْوَصْلِ، وَبِحَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ ، اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ ، ثُمَّ
رَجَعَ إِلَى حَذْفِ الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ،
وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ ، وَاخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ،
اتِّبَاعًا لِلْخَطِّ ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ يَاءٍ "
انتهى من "تفسير القرطبي" (20/ 42-43) .
وإنما حذفت الياء عند من قرأ بالحذف اتباعا لخط المصحف ، ومراعاة لرءوس الآي ، وقيل
: اكتفاء بالكسرة قبلها ، وقيل في توجيه الحذف غير ذلك .
ينظر : "تفسير القرطبي" (20/ 43) .
ثانيا :
قال عز وجل : ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ )
الأنعام/ 135 .
وقال عز وجل : ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا
اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) الأعراف/ 65 ، إلى
غير ذلك من الآيات .
حذفت الياء من ( يا قوم ) اختصارا ، واكتفاء بالكسر قبلها .
ومثل ذلك حذف الياء من ( ربِّ ) .
قال تعالى : (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ
وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأعراف/ 151 .
فالحركات إذا أدت معنى الحرف وخاصة فيما يكون الاختصار فيه أنسب - كما في النداء
والدعاء - اكتفي بالحركة وحذف الحرف .
قال ابن زنجلة رحمه الله في "حجة القراءات" (ص 353-354) .
" يَاء الْإِضَافَة تحذف فِي النداء كَمَا يحذف التَّنْوِين وَتبقى الكسرة تدل على
الْيَاء كَمَا تَقول : رب اغْفِر لي ، وَفِي التَّنْزِيل رب قد آتيتني من الْملك و
يَا قوم وَالْأَصْل يَا قومِي ، فحذفت الْيَاء، وَإِنَّمَا تحذف فِي النداء لِأَن
بَاب النداء بَاب التَّغْيِير والحذف " انتهى .
وينظر : "الدر المصون" (2/ 572) .
وقال القرطبي رحمه الله :
" قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا قَوْمِ) مُنَادَى مُضَافٌ وَحُذِفَتِ الْيَاءُ فِي" يَا
قَوْمِ" لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَذْفٍ وَالْكَسْرَةُ تَدُلُّ عَلَيْهَا وَهِيَ
بِمَنْزِلَةِ التَّنْوِينِ فَحَذَفْتَهَا كَمَا تَحْذِفُ التَّنْوِينَ مِنَ
الْمُفْرَدِ ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ إِثْبَاتُهَا سَاكِنَةً ، فَتَقُولُ
" يَا قَوْمِي " ... وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتَهَا ، وَإِنْ شِئْتَ أَلْحَقْتَ مَعَهَا
هَاءً فَقُلْتَ : "يَا قَوْمِيَهْ " ، وَإِنْ شِئْتَ أَبْدَلْتَ مِنْهَا أَلِفًا ،
لِأَنَّهَا أَخَفُّ فَقُلْتَ : " يَا قَوْمًا " ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ "يَا
قَوْمُ" بِمَعْنَى يَا أَيُّهَا الْقَوْمُ " انتهى باختصا من "تفسير القرطبي" (1/
400) .
وراجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (1614) .
والله تعالى أعلم .