الفتاوى

حول رواية حفص عن عاصم في الشاطبية
في طرق وأسانيد الشاطبية في رواية حفص عن عاصم، هل يدخل فيها عاصم عن زر بن حبيش؟ أم فقط السلمي؟ وهل يدخل فيها عثمان وزيد وأبي؟ أم فقط علي رضي الله عنهم؟.

الإجابة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاعلم ـ أخي السائل ـ أولا أن كل ما نسب للإمام فهو قراءة، وكل ما نسب للراوي فهو رواية، وكل ما نسب للآخذ عن الراوي وإن سفل، فهو طريق، مثل: رواية حفص عن عاصم، الطريق: هي ما نسب للناقل عن الراوي، مثل: ورواية حفص من طريق عبيد بن الصباح، قال الشيخ علي الضباع: الفرق بين القراءات والروايات والطرق، أن كل خلاف نسب لإمام من السبعة مما أجمع عليه الرواة عنه، فهو قراءة، وما نسب للآخذ عن ‏الإمام ولو بواسطة، فهو رواية، وما نسب للآخذ عن الراوي وإن سفل، فهو طريق.‏ 

وبناء عليه، فرواية حفص من طريق الشاطبية والتيسير لها طريق واحد هي طريق عبيد بن الصباح، وسندها بالنسبة لرواية حفص عن عاصم هو ما ذكره الداني بقوله: وقرأت بها ـ حفص ـ القرءان كلّه على شيخنا أبي الحسن، وقال لي: قرأت بها على الهاشمي، وقال قرأت على الأشناني عن عبيد عن حفص عن عاصم. التيسير ص: 119.

فهذا السند بهذه الكيفية هو الذي يطلق عليه طريق الشاطبية لحفص عن عاصم، لأن الشاطبي التزم في كتابه حرز الأماني أن يمشي على منوال التيسير عند قوله: وفي يسرها التيسير رمت اختصاره.........

وأما فيما يتعلق بمن فوق حفص عن شيخه عاصم: فهذا لا يسمى بالطريق، لأنه يتعلق بقراءة الراوي على شيوخه، فمثلا: قرأ عاصم القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي ـ رضي الله عنه ـ وقرأ على زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وكان يتردد عليهما، فيأخذ من هذا قراءة ابن مسعود، ومن ذاك قراءة علي ـ رضي الله عنه ـ
وهكذا استوثق في القراءة وجمع فيها بين أقوى المصادر، وكان عاصم يقرئ حفصًا بقراءة علي بن أبي طالب التي يرويها عن طريق أبي عبد الرحمن السلمي، ويقرئ شعبة بقراءة ابن مسعود التي يرويها من طريق زر بن حبيش، ومن هنا فإذا أردنا تحديد قراءة حفص نقول: قرأ حفص على عاصم ببعض ما عنده، فرواية حفص ليست صورة عن قراءة عاصم، ولكنها جزء منها، بدليل أن عاصما أقرأ شعبة بأمور تخالف ما أقرأ به حفصا، أما ما قرأ به عاصم على أبي عبد الرحمن السلمي فيحتمل أن يكون بما عنده أو ببعضه، والفيصل في ذلك الوقوف على ما كان يقرأ به السلمي ـ إن أمكن ـ ومقارنته بقراءة عاصم، فإن تطابقا حكمنا بالأول، وإلا بالثاني.

والله أعلم.
 

Icon