إلا أَوَارِيّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا وَالنُّؤْيُ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ
وَالْأَوَارِيُّ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عِدَادِ أَحَدٍ فِي شَيْءٍ. فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ اسْتَثْنَى ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] مِنْ ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ مَعَانِيهِمْ فِي الدِّينِ فِي شَيْءٍ. وَأَمَّا نَحْوِيُّو الْكُوفِيِّينَ فَأَنْكَرُوا هَذَا التَّأْوِيلَ وَاسْتَخْطَئُوهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ الزَّاعِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَكَانَ خَطَأً أَنْ يُقَالَ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] لِأَنَّ لَا نَفْيٌ وَجَحْدٌ، وَلَا يُعْطَفُ بِجَحْدٍ إِلَّا عَلَى جَحْدٍ؛ وَقَالُوا: لَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ اسْتِثْنَاءً يُعْطَفُ عَلَيْهِ بِجَحْدٍ، وَإِنَّمَا وَجَدْنَاهُمْ يَعْطِفُونَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَبِالْجَحْدِ عَلَى الْجَحْدِ فَيَقُولُونَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ: قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا أَخَاكَ وَإِلَّا أَبَاكَ؛ وَفِي الْجَحْدِ: مَا قَامَ أَخُوكَ، وَلَا أَبُوكَ؛ وَأَمَا قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا أَبَاكَ وَلَا أَخَاكَ، فَلَمْ نَجِدْهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مَعْدُومًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَكَانَ الْقُرْآنُ بِأَفْصَحَ لِسَانِ الْعَرَبِ نُزُولُهُ، عَلِمْنَا إِذْ كَانَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] أَنَّ غَيْرَ بِمَعْنَى الْجَحْدِ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَأَنَّ تَأْوِيلَ، مَنْ وَجَّهَهَا إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ خَطَأٌ.


الصفحة التالية
Icon