الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ٢] الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْكَ مَجْمُوعًا ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ أب ت ث قَدْ صَارَتْ كَالِاسْمِ فِي حُرُوفِ الْهِجَاءِ كَمَا صَارَتِ الْحَمْدُ اسْمًا لِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. قِيلَ لَهُ: لَمَّا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: ابْنِي فِي ط ظ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِقِيلِهِ ذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْخَبَرَ عَنِ ابْنِهِ أَنَّهُ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ أب ت ث لَيْسَ لَهَا بِاسْمٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ آثَرَ فِي الذِّكْرِ مِنْ سَائِرَهَا. قَالَ: وَإِنَّمَا خُولِفَ بَيْنَ ذِكْرِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ، فَذُكِرَتْ فِي أَوَائِلُهَا مُخْتَلِفَةً، وَذِكْرُهَا إِذَا ذُكِرَتْ بِأَوَائِلِهَا الَّتِي هِيَ أب ت ث مُؤْتَلِفَةً لِيَفْصِلَ بَيْنَ الْخَبَرِ عَنْهَا، إِذَا أُرِيدَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا الدَّلَالَةَ عَلَى الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ، وَإِذَا أُرِيدَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُؤْتَلِفًا الدَّلَالَةَ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ بِأَعْيَانِهَا. وَاسْتَشْهَدُوا لْإِجَازَةِ قَوْلِ الْقَائِلِ: ابْنِي فِي ط ظ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْخَبَرِ عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ فِي الْبَيَانِ يَقُومُ مَقَامَ قَوْلِهِ: ابْنِي فِي أب ت ث بِرَجَزِ بَعْضِ الرُّجَّازِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ:
[البحر الرجز]
لَمَّا رَأَيْتُ أَمْرَهَا فِي حُطِّي...