إِلَيْهِ بِذَلِكَ نَفْسُهُ أَنَّهُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مُسْتَهْزِئٌ مُخَادِعٌ، حَتَّى سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ، إِذْ وَرَدَ عَلَى رَبِّهِ فِي الْآخِرَةِ، أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُ بِمِثْلِ الَّذِي نَجَا بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَذِبِ وَالنِّفَاقِ. أَوَمَا تَسْمَعُ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُولُ إِذْ نَعَتَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ عِنْدَ وُرُودِهِمْ عَلَيْهِ: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [المجادلة: ١٨] ظَنًّا مِنَ الْقَوْمِ أَنَّ نَجَاتَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ فِي مِثْلِ الَّذِي كَانَ بِهِ نَجَاتُهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالسِّبَاءِ وَسَلْبِ الْمَالِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَذِبِ وَالْإِفْكِ وَأَنَّ خِدَاعَهُمْ نَافِعُهُمْ هُنَالِكَ نَفْعَهُ إِيَّاهُمْ فِي الدُّنْيَا. حَتَّى عَايَنُوا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا أَيْقَنُوا بِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ ظُنُونِهِمْ فِي غُرُورٍ وَضَلَالٍ، وَاسْتِهْزَاءٍ بِأَنْفُسِهِمْ وَخِدَاعٍ، إِذْ أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاسْتَنْظَرُوا الْمُؤْمِنِينَ لِيَقْتَبِسُوا مِنْ نُورِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمُ: ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا وَاصْلَوْا سَعِيرًا. فَذَلِكَ حِينَ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ، كَمَا انْطَفَأَتْ نَارُ الْمُسْتَوْقِدِ النَّارَ بَعْدَ إِضَاءَتِهَا لَهُ، فَبَقِيَ فِي ظُلْمَتِهِ حَيْرَانَ تَائِهًا؛ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُوَرٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ


الصفحة التالية
Icon