بِذِي الْفَهْمِ عَلَى مَا فِيهِ لَهُ الْكِفَايَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: أَخْبِرْنَا عَنِ اسْتِوَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى السَّمَاءِ، كَانَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ أَمْ بَعْدَهُ؟ قِيلَ: بَعْدَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يُسَوِّيَهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ [فصلت: ١١] وَالِاسْتِوَاءُ كَانَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَهَا دُخَانًا، وَقَبْلَ أَنْ يُسَوِّيَهَا سَبْعَ سَمَوَاتٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا قَالَ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَلَا سَمَاءَ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِآخَرَ: اعْمَلْ هَذَا الثَّوْبَ، وَإِنَّمَا مَعَهُ غَزْلٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٩] فَإِنَّهُ يَعْنِي هَيَّأَهُنَّ وَخَلَقَهُنَّ وَدَبَّرَهُنَّ وَقَوَّمَهُنَّ، وَالتَّسْوِيَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: التَّقْوِيمُ وَالْإِصْلَاحُ وَالتَّوْطِئَةُ، كَمَا يُقَالُ: سَوَّى فُلَانٌ لِفُلَانٍ هَذَا الْأَمْرَ: إِذَا قَوَّمَهُ وَأَصْلَحَهُ وَوَطَّأَهُ لَهُ. فَكَذَلِكَ تَسْوِيَةُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ سَمَوَاتِهِ: تَقْوِيمُهُ إِيَّاهُنَّ عَلَى مَشَيِئَتِهِ، وَتَدْبِيرُهُ لَهُنَّ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَتَفْتِيقُهُنَّ بَعْدَ ارْتِتَاقِهِنَّ
كَمَا حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: " ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ﴾ يَقُولُ: سَوَّى خَلْقَهُنَّ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٩] فَأَخْرَجَ مَكْنِيَّهُنَّ مَخْرَجَ مَكْنِيِّ الْجَمْعِ.