غَيْرَهُ، وَقَدْ جَاءَتْكُمْ حُجَّةٌ وَبُرْهَانٌ عَلَى صِدْقِ مَا أَقُولُ وَحَقِيقَةِ مَا إِلَيْهِ أَدْعُو مِنْ إِخْلَاصِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ دُونَ مَا سِوَاهُ وَتَصْدِيقِي عَلَى أَنِّي لَهُ رَسُولٌ، وَبَيِّنَتِي عَلَى مَا أَقُولُ وَحَقِيقَةُ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّي، وَحُجَّتِي عَلَيْهِ هَذِهِ النَّاقَةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْهَضَبَةِ دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّتِي وَصِدْقِ مَقَالَتِي، فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ. وَإِنَّمَا اسْتَشْهَدَ صَالِحٌ فِيمَا بَلَغَنِي عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ عِنْدَ قَوْمِهِ ثَمُودَ بِالنَّاقَةِ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ إِيَّاهَا آيَةً وَدِلَالَةً عَلَى حَقِيقَةِ قَوْلِهِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَذِكْرُ سَبَبِ قَتْلِ قَوْمِ صَالِحٍ النَّاقَةَ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: " قَالَتْ ثَمُودُ لِصَالِحٍ: ائْتِنَا ﴿بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: اخْرُجُوا إِلَى هَضْبَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَخَرَجُوا، فَإِذَا هِيَ تَتَمَخَّضُ كَمَا تَتَمَخَّضُ الْحَامِلُ. ثُمَّ إِنَّهَا انْفَرَجَتْ، فَخَرَجَتْ مِنْ وَسَطِهَا النَّاقَةُ، فَقَالَ صَالِحٌ: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٧٣]، ﴿لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥]، فَلَمَّا مَلُّوهَا عَقَرُوهَا، فَقَالَ لَهُمْ: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥]
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ آخَرُ، " أَنَّ صَالِحًا قَالَ لَهُمْ: إِنَّ آيَةَ الْعَذَابِ أَنْ تُصْبِحُوا غَدًا حُمُرًا، وَالْيَوْمَ الثَّانِي صُفُرًا، وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ سُودًا. قَالَ: فَصَبَّحَهُمُ الْعَذَابُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ تَحَنَّطُوا وَاسْتَعَدُّوا "