حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " لَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ عَادًا وَتَقَضَّى أَمْرُهَا، عَمِرَتْ ثَمُودُ بَعْدَهَا وَاسْتُخْلِفُوا فِي الْأَرْضِ، فَنَزَلُوا فِيهَا وَانْتَشَرُوا. ثُمَّ عَتَوْا عَلَى اللَّهِ، فَلَمَّا ظَهَرَ فَسَادُهُمْ وَعَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ، بَعَثَ إِلَيْهِمْ صَالِحًا وَكَانُوا قَوْمًا عُرُبًا، وَهُوَ مِنْ أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا وَأَفْضَلِهِمْ مَوْضِعًا رَسُولًا. وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمُ الْحِجْرَ إِلَى قُرْحَ، وَهُوَ وَادِي الْقُرَى، وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فِيمَا بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ. فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ غُلَامًا شَابًّا، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، حَتَّى شَمِطَ وَكَبِرَ، لَا يَتْبَعُهُ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ، فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِمْ صَالِحٌ بِالدُّعَاءِ، وَأَكْثَرَ لَهُمُ التَّحْذِيرَ، وَخَوَّفَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْعَذَابَ وَالنِّقْمَةَ، سَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمُ آيَةً تَكُونُ مِصْدَاقًا لِمَا يَقُولُ فِيمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّ آيَةٍ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: تَخْرُجُ مَعَنَا إِلَى عِيدِنَا هَذَا وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ يَخْرُجُونَ إِلَيْهِ بِأَصْنَامِهِمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي يَوْمٍ مَعْلُومٍ مِنَ السَّنَةِ فَتَدْعُو إِلَهَكَ وَنَدْعُو آلِهَتَنَا، فَإِنِ اسْتُجِيبَ لَكَ اتَّبَعْنَاكَ، وَإِنِ اسْتُجِيبَ لَنَا اتَّبَعْتَنَا. فَقَالَ -[٢٨٧]- لَهُمْ صَالِحٌ: نَعَمْ. فَخَرَجُوا بِأَوْثَانِهِمْ إِلَى عِيدِهِمْ ذَلِكَ، وَخَرَجَ صَالِحٌ مَعَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَدَعُوا أَوْثَانَهُمْ وَسَأَلُوهَا أَنْ لَا يُسْتَجَابَ لِصَالِحٍ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدْعُو بِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جُنْدُعُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حِرَاشِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الدُّمَيْلِ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدَ ثَمُودَ وَعَظِيمَهُمْ: يَا صَالِحُ، أَخْرِجْ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ لِصَخْرَةٍ مُنْفَرِدَةٍ فِي نَاحِيَةِ الْحِجْرِ يُقَالُ لَهَا: الْكَاثِبَةُ نَاقَةً مُخْتَرِجَةً جَوْفَاءَ وَبَرَّاءَ وَالْمُخْتَرِجَةُ: مَا شَاكَلَتِ الْبُخْتَ مِنَ الْإِبِلِ. وَقَالَتْ ثَمُودُ لِصَالِحٍ مِثْلَ مَا قَالَ جُنْدُعُ بْنُ عَمْرٍو فَإِنْ فَعَلْتَ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ حَقٌّ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ صَالِحٌ مَوَاثِيقَهُمْ: لَئِنْ فَعَلْتُ وَفَعَلَ اللَّهُ لَتُصَدِّقُنِّي وَلَتُؤْمِنُنَّ بِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَأَعْطَوْهُ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَهُمْ، فَدَعَا صَالِحٌ رَبَّهُ بِأَنْ يُخْرِجَهَا لَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْهَضَبَةِ كَمَا وَصَفْتُ "