أَبَى جُودُهُ لَا الْبُخْلَ وَاسْتَعْجَلَتْ بِهِ | نَعَمْ مِنْ فَتًى لَا يَمْنَعُ الْجُودُ قَاتِلَهْ |
وَقَالَ: فَسَّرَتْهُ الْعَرَبُ: أَبَى جُودُهُ الْبُخْلَ، وَجَعَلُوا (لَا) زَائِدَةً حَشْوًا هَهُنَا وَصَلُوا بِهَا الْكَلَامَ. قَالَ: وَزَعَمَ يُونُسُ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو كَانَ يَجُرُّ (الْبُخْلَ)، وَيَجْعَلُ (لَا) مُضَافَةً إِلَيْهِ، أَرَادَ: أَبَى جُودُهُ (لَا) الَّتِي هِيَ لِلْبُخْلِ، وَيَجْعَلُ (لَا) مُضَافَةً، لِأَنَّ (لَا) قَدْ تَكُونُ لِلْجُودِ وَالْبُخْلِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: امْنَعِ الْحَقَّ وَلَا تُعْطِ الْمِسْكِينَ، فَقَالَ (لَا) كَانَ هَذَا جُودًا مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ نَحْوَ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ فِي مَعْنَاهُ وَتَأْوِيلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي دُخُولِ (لَا) فِي قَوْلِهِ:
﴿أَلَّا تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: ١٢]، أَنَّ فِيَ أَوَّلِ الْكَلَامِ جَحْدًا، يَعْنِي بِذَلِكَ قَوْلَهُ:
﴿لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الأعراف: ١١]، فَإِنَّ الْعَرَبَ رُبَّمَا أَعَادُوا فِي الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ جَحْدُ الْجَحْدِ، كَالِاسْتِيثَاقِ وَالتَّوْكِيدِ لَهُ، قَالَ: وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ:
مَا إِنْ رَأَيْنَا مِثْلَهُنَّ لِمَعْشَرٍ | سُودِ الرُّوسِ فَوَالِجٌ وَفُيُولُ |
فَأَعَادَ عَلَى الْجَحْدِ الَّذِي هُوَ (مَا) جَحْدًا، وَهُوَ قَوْلُهُ (إِنْ) فَجَمَعَهُمَا لِلتَّوْكِيدِ.