حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " ﴿وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾ [يونس: ١٦] يَقُولُ: وَلَا أَشْعَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ " وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي حَكَيْتُ عَنِ الْحَسَنِ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ غَلَطٌ، وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: «وَلَا أَدْرَأْتُكُمْ بِهِ»، قَالَ: فَإِنْ يَكُنْ فِيهَا لُغَةٌ سِوَى «دَرَيْتُ» وَ «أَدْرَيْتُ»، فَلَعَلَّ الْحَسَنَ ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَأَمَّا أَنْ يَصْلُحَ مِنْ «دَرَيْتُ» أَوْ «أَدْرَيْتُ» فَلَا، لِأَنَّ الْيَاءَ وَالْوَا إِذَا انْفَتَحَ مَا قَبْلَهُمَا وَسَكَنَتَا صَحَّتَا وَلَمْ تَنْقَلِبَا إِلَى أَلِفٍ مِثْلَ قَضَيْتُ وَدَعَوْتُ، وَلَعَلَّ الْحَسَنَ ذَهَبَ إِلَى طَبِيعَتِهِ وَفَصَاحَتِهِ فَهَمَزَهَا، لِأَنَّهَا تُضَارِعُ «دَرَأْتُ الْحَدَّ» وَشِبْهَهُ. وَرُبَّمَا غَلَطَتِ الْعَرَبُ فِي الْحَرْفِ إِذَا ضَارَعَهُ آخَرُ مِنَ الْهَمْزِ، فَيَهْمِزُونَ غَيْرَ الْمَهْمُوزِ. وَسَمِعْتُ امْرَأَةً مِنْ طَيِّئٍ تَقُولُ: رَثَأْتُ زَوْجِي بِأَبْيَاتٍ، وَيَقُولُونَ: لَبَأْتُ بِالْحَجِّ وَحَلَأْتُ السَّوِيقَ؛ يَتَغَلَّطُونَ، لِأَنَّ «حَلَأْتُ» قَدْ يُقَالُ فِي دَفْعِ الْعِطَاشِ، مِنَ الْإِبِلِ، وَ «لَبَأْتُ» : ذَهَبْتُ بِهِ إِلَى اللَّبَأِ، لَبَأَ الشَّاةَ، وَ «رَثَأْتُ زَوْجِي» : ذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَثَأَتِ اللَّبَنَ إِذَا أَنْتَ حَلَبْتَ الْحَلِيبَ عَلَى الرَّائِبِ، فَتِلْكَ الرَّثِيثَةُ.


الصفحة التالية