فَيَفْسَدُ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَ رَافِعَ الْكَلِّ، فَيُخَالِفُ بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ قِرَاءَةَ الْقُرَّاءِ، وَخَطَّ مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ الْعَيْبِ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَعْرُوفِ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَدْ قَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: «وَإِنْ كُلًّا» بِتَخْفِيفِ «إِنْ» وَنَصْبِ «كُلًّا» ﴿لَمَّا﴾ [البقرة: ٤١] مُشَدَّدَةٌ. وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ قَارِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَرَادَ «إِنَّ» الثَّقِيلَةَ فَخَفَّفَهَا. وَذَكَرَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ: كَأَنْ ثَدْيَيْهِ حُقَّانٍ، فَنُصِبَ بِ «كَأَنْ»، وَالنُّونُ مُخَفَّفَةً مِنْ «كَأَنْ» ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الهزج]

وَوَجْهٌ مُشْرِقُ النَّحْرِ كَأَنْ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ
وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ بِتَخْفِيفِ «إِنَّ» وَنَصْبِ «كُلًّا»، وَتَخْفِيفِ «لَمَّا». وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَارِئُ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَصَدَ الْمَعْنَى الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ قَارِئِ الْكُوفَةِ مِنْ تَخْفِيفِهِ نُونَ «إِنَّ» وَهُوَ يُرِيدُ تَشْدِيدَهَا، وَيُرِيدُ بِمَا الَّتِي فِي «لَمَّا» الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ صِلَةً، وَأَنْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَى تَحْمِيلِ الْكَلَامِ مَعْنَى: وَإِنْ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ؛


الصفحة التالية
Icon