كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٣] قَالَ: " قَالَهُ أَهْلُ الْكُفْرِ لِنَبِيِّهِمْ، لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، زَعَمُوا أَنَّهُ سَاحِرٌ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ سِحْرٌ، قَالُوا: أَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ؟ "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنبياء: ٤] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿قَالَ رَبِّي﴾ [الأنبياء: ٤] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: (قُلْ رَبِّي) عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿قَالَ رَبِّي﴾ [الأنبياء: ٤] عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ أَرَادُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْقَائِلِينَ ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٣] : رَبِّي يَعْلَمُ قَوْلَ كُلِّ قَائِلٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَلِمَا يَقُولُونَ مِنَ الْكَذِبِ، الْعَلِيمُ بِصِدْقِي، وَحَقِيقَةِ مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، وَبَاطِلٌ مَا تَقُولُونَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا. وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ ﴿قَالَ﴾ [البقرة: ٣٠] عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ أَرَادُوا: قَالَ مُحَمَّدٌ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ، خَبَرًا مِنَ اللَّهِ عَنْ جَوَابِ نَبِيِّهِ إِيَّاهُمْ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ