مِنْ حِكْمَتِكَ يُبْصِرُ الْعُقَابُ، فَأَصْبَحَ فِي أَمَاكِنِ الْقَتْلَى؟ أَيْنَ أَنْتَ مِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ بَهْمُوتَ، مَكَانُهُ فِي مُنْقَطَعِ التُّرَابِ، وَالْوَتِينَانِ يَحْمِلَانِ الْجِبَالَ وَالْقُرَى وَالْعِمْرَانَ، آذَانُهُمَا كَأَنَّهَا شَجَرُ الصَّنَوْبَرِ الطِّوَالُ، رَءُوسُهُمَا كَأَنَّهَا آكَامُ الْجِبَالِ، وَعُرُوقُ أَفْخَاذِهِمَا كَأَنَّهَا أَوْتَادُ الْحَدِيدِ، وَكَأَنَّ جُلُودَهُمَا فِلَقُ الصُّخُورِ، وَعِظَامُهُمَا كَأَنَّهَا عَمَدُ النُّحَاسِ. هُمَا رَأْسَا خَلْقِي الَّذِينَ خَلَقْتُ لِلْقِتَالِ، أَأَنْتَ مَلَأْتَ جُلُودَهُمَا لَحْمًا؟ أَمْ أَنْتَ مَلَأْتَ رُءُوسَهُمَا دِمَاغًا؟ أَمْ هَلْ لَكَ فِي خَلْقِهِمَا مِنْ شِرْكٍ؟ أَمْ لَكَ بِالْقُوَّةِ الَّتِي عَمَلَتْهُمَا يَدَانِ؟ أَوْ هَلْ يَبْلُغُ مِنْ قُوَّتِكَ أَنْ تَخْطِمَ عَلَى أُنُوفِهِمَا، أَوْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى رُءُوسِهِمَا، أَوْ تَقْعُدَ لَهُمَا عَلَى طَرِيقٍ فَتَحْبِسَهُمَا، أَوْ تَصُدَّهُمَا عَنْ قُوَّتِهِمَا؟ أَيْنَ أَنْتَ يَوْمَ خَلَقْتُ التِّنِّينَ، وَرِزْقُهُ فِي الْبَحْرِ، وَمَسْكَنُهُ فِي السَّحَابِ؟ عَيْنَاهُ تُوقَدَانِ نَارًا، وَمَنْخِرَاهُ يَثُورَانِ دُخَانًا، أُذُنَاهُ مِثْلُ قَوْسِ السَّحَابِ، يَثُورُ مِنْهُمَا لَهَبٌ كَأَنَّهُ إِعْصَارُ الْعَجَاجِ، جَوْفُهُ يَحْتَرِقُ، وَنَفَسُهُ يَلْتَهِبُ، وَزَبَدُهُ كَأَمْثَالِ الصُّخُورِ، وَكَأَنَّ صَرِيفَ أَسْنَانِهِ صَوْتُ الصَّوَاعِقِ، وَكَأَنَّ نَظَرَ عَيْنَيْهِ لَهَبُ الْبَرْقِ، أَسْرَارُهُ لَا تَدْخُلُهَا الْهُمُومُ، تَمُرُّ بِهِ الْجُيُوشُ وَهُوَ مُتَّكِئٌ، لَا يُفْزِعُهُ شَيْءٌ، لَيْسَ فِيهِ مِفْصَلٌ، زُبَرُ الْحَدِيدِ عِنْدَهُ مِثْلُ التِّينِ، وَالنُّحَاسُ عِنْدَهُ مِثْلُ الْخُيُوطِ، لَا


الصفحة التالية
Icon