وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ [الفرقان: ١٣] أَيْ هَلَكَةً، وَيَقُولُ: هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ ثُبِرَ الرَّجُلُ: أَيْ أُهْلِكَ، وَيُسْتَشْهَدُ لِقِيلِهِ فِي ذَلِكَ بِبَيْتِ ابْنِ الزِّبَعْرَى:
[البحر الخفيف]

إِذْ أُجَارِي الشَّيْطَانَ فِي سَنَنِ الْغَـ ـيِّ وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ﴾ [الفرقان: ١٤] أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ نَدَمًا وَاحِدًا: أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَكِنِ ادْعُوا ذَلِكَ كَثِيرًا. وَإِنَّمَا قِيلَ: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا﴾ [الفرقان: ١٤] لِأَنَّ الثُّبُورَ مَصْدَرٌ، وَالْمَصَادِرُ لَا تُجْمَعُ، وَإِنَّمَا تُوصَفُ بِامْتِدَادِ وَقْتِهَا وَكَثْرَتِهَا، كَمَا يُقَالُ: قَعَدَ قُعُودًا طَوِيلًا، وَأَكَلَ أَكْلًا كَثِيرًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى حُلَّةً مِنَ النَّارِ إِبْلِيسُ، فَيَضَعُهَا عَلَى حَاجِبَيْهِ، وَيَسْحَبُهَا مِنْ خَلْفِهِ، وَذُرِّيَّتُهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا ثُبُورَاهُ وَهُمْ يُنَادُونَ: يَا ثُبُورَهُمْ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى النَّارِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا ثُبُورَاهُ وَهُمْ يُنَادُونَ: يَا ثُبُورَهُمْ فَيُقَالُ: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ١٤] "


الصفحة التالية
Icon