الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا، إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾ [القصص: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ فَأَصَابُوهُ وَأَخْذُوهُ؛ وَأَصْلُهُ مِنَ اللُّقَطَةِ، وَهُوَ مَا وُجِدَ ضَالًّا فَأُخِذَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِمَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ فَجْأَةً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لَهُ وَلَا إِرَادَةٍ: أَصَبْتُهُ الْتِقَاطًا، وَلَقِيتُ فُلَانًا الْتِقَاطًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز]

وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ الْتِقَاطَا لَمْ أَلْقَ إِذْ وَرَدْتُهُ فُرَّاطَا
يَعْنِي فَجْأَةً. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِقَوْلِهِ: ﴿آلُ فِرْعَوْنَ﴾ [البقرة: ٤٩] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ: جَوَارِي امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: " أَقْبَلَ الْمَوْجُ بِالتَّابُوتِ يَرْفَعُهُ مَرَّةً وَيَخْفِضُهُ أُخْرَى، حَتَّى أَدْخَلَهُ بَيْنَ أَشْجَارٍ عِنْدَ بَيْتِ فِرْعَوْنَ، فَخَرَجَ جَوَارِي آسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ يَغْسِلْنَ، فَوَجَدْنَ التَّابُوتَ، فَأَدْخَلْنَهُ إِلَى آسِيَةَ، وَظَنَنَّ أَنَّ فِيهِ مَالًا؛ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ آسِيَةُ، وَقَعَتْ عَلَيْهَا رَحْمَتُهُ فَأَحَبَّتْهُ؛ فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِهِ فِرْعَوْنَ أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ، فَلَمْ تَزَلْ آسِيَةُ تُكَلِّمُهُ حَتَّى تَرَكَهُ لَهَا، قَالَ: إِنِّي -[١٦٠]- أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْ يَكُونَ هَذَا الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ هَلَاكُنَا، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] ". وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِهِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ


الصفحة التالية
Icon