وَقَوْلُهُ: ﴿يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مِنْ ظَلَمَ﴾ [النمل: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا مُوسَى لَا تَخَفْ مِنْ هَذِهِ الْحَيَّةِ، إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ: يَقُولُ: إِنِّي لَا يَخَافُ عِنْدِي رُسُلِي وَأَنْبِيَائِي الَّذِينَ أَخْتَصُّهُمْ بِالنُّبُوَّةِ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ، فَعَمِلَ بِغَيْرِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَوْلُهُ: " ﴿يَا مُوسَى لَا تَخَفْ، إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ١٠] قَالَ: لَا يُخِيفُ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ إِلَّا بِذَنْبٍ يُصِيبُهُ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ أَصَابَهُ أَخَافَهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ مِنْهُ "
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَوْلُهُ: " ﴿يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ [النمل: ١١] قَالَ: إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُكَ لِقَتْلِكَ النَّفْسَ، قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُذْنِبُ فَتُعَاقَبُ ". وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ دُخُولِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مَعَ وَعْدِ اللَّهِ الْغُفْرَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ١٠] بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النمل: ١١]. وَحُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ إِنْ كَانَ مَا قَبْلَهُ مَنْفِيًّا مُثْبَتًا كَقَوْلِهِ: مَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ،