وَقَوْلُهُ: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] فَيَقُولُ الْقَائِلُ: لِيَكُونَ مُوسَى لِآلِ فِرْعَوْنَ عَدُوًّا وَحَزَنًا فَالْتَقَطُوهُ، فَيُقَالُ ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] قِيلَ: إِنَّهُمْ حِينَ الْتَقَطُوهُ لَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِذَلِكَ، بَلْ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَلَكِنَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] قَالَ: لِيَكُونَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ عَدُوًّا وَحَزَنًا لِمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ ". وَلَيْسَ لِذَلِكَ أَخَذُوهُ، وَلَكِنَّ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ قَالَتْ: ﴿قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾ فَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] لِمَا هُوَ كَائِنٌ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ لَهُمْ، وَهُوَ كَقَوْلِ الْآخَرِ إِذَا قَرَّعَهُ لِفِعْلٍ كَانَ فَعَلَهُ وَهُوَ يُحْسَبُ مُحْسِنًا فِي فِعْلِهِ، فَأَدَّاهُ فِعْلُهُ ذَلِكَ إِلَى مَسَاءَةٍ مُنَدِّمًا لَهُ عَلَى فِعْلِهِ: فَعَلْتَ هَذَا لِضُرِّ نَفْسِكَ، وَلِتَضُرَّ بِهِ نَفْسَكَ فَعَلْتَ. وَقَدْ كَانَ الْفَاعِلُ فِي حَالِ فِعْلِهِ ذَلِكَ عِنْدَ نَفْسِهِ يَفْعَلُهُ رَاجِيًا نَفْعَهُ، غَيْرَ أَنَّ الْعَاقِبَةَ جَاءَتْ بِخِلَافِ مَا كَانَ يَرْجُو. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] إِنَّمَا هُوَ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ، لِيَكُونَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُمْ، فَكَانَتْ عَاقِبَةُ الْتِقَاطِهِمْ إِيَّاهُ مِنْهُ -[١٦٢]- هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدَيْهِ