الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [السجدة: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ يُبَيِّنُ جَمِيعَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ فِي الدُّنْيَا يَخْتَلِفُونَ، مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالْبَعْثِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ دِينِهِمْ، فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ بِقَضَاءٍ فَاصِلٍ، بِإِيجَابِهِ لِأَهْلِ الْحَقِّ الْجَنَّةَ، وَلِأَهْلِ الْبَاطِلِ النَّارَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ [سورة: السجدة، آية رقم: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ؟ كَمَا:
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ [السجدة: ٢٦] يَقُولُ: أَوَ لَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ ". وَعَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْيَاءِ فِي ذَلِكَ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ عِنْدَنَا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ، بِمَعْنَى: أَوَ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ إِهْلَاكَنَا الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ مِنْ قَبْلِهِمْ، سُنَّتُنَا فِيمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ بِآيَاتِنَا، فَيَتَّعِظُوا وَيَنْزَجِرُوا. وَقَوْلُهُ ﴿كَمْ﴾ [السجدة: ٢٦] إِذَا قُرِئَ ﴿يَهْدِ﴾ [السجدة: ٢٦] بِالْيَاءِ، فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِـ ﴿يَهْدِ﴾ [السجدة: ٢٦]. وَأَمَّا إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ بِالنُّونِ «أَوَ لَمْ نَهْدِ» فَإِنَّ مَوْضِعَ ﴿كَمْ﴾ [السجدة: ٢٦] وَمَا بَعْدَهَا نَصْبٌ. -[٦٤٠]- وَقَوْلُهُ: ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ [السجدة: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوَ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ كَثْرَةَ إِهْلَاكِنَا الْقُرُونَ الْمَاضِيَةَ مِنْ قَبْلِهِمْ يَمْشُونَ فِي بِلَادِهِمْ وَأَرْضِهِمْ، كَعَادٍ وَثَمَودَ. كَمَا: