الْأَمْصَارِ ﴿أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ﴾ [يس: ١٩] بِكَسْرِ الْأَلْفِ مِنْ إِنْ وَفَتْحِ أَلَفِ الِاسْتِفْهَامِ: بِمَعْنَى إِنْ ذَكَّرْنَاكُمْ فَمَعَكُمْ طَائِرُكُمْ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَى إِنْ الَّتِي هِيَ حَرْفُ جَزَاءٍ أَلِفَ اسْتِفْهَامٍ فِي قَوْلِ بَعْضِ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ مَنْوِيٌّ بِهِ التَّكْرِيرُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ إِنْ ذُكِّرْتُمْ فَمَعَكُمْ طَائِرُكُمْ، فَحَذَفَ الْجَوَابَ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، لِأَنَّ أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ قَدْ حَالَتْ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَبَيْنَ الشَّرْطِ، فَلَا تَكُونُ شَرْطًا لِمَا قَبْلَ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَذُكِرَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ: ﴿أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ﴾ [يس: ١٩] بِمَعْنَى: أَلِأَنْ ذُكِّرْتُمْ طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ؟ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ قَارِئِيهِ أَنَّهُ قَرَأَهُ: قَالُوا: «طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَيْنَ ذُكِرْتُمْ» بِمَعْنَى: حَيْثُ ذُكِرْتُمْ بِتَخْفِيفِ الْكَافِ مِنْ ذُكِّرْتُمْ وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا نُجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِهَا الْقِرَاءَةُ الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَهِيَ دُخُولُ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى حَرْفِ الْجَزَاءِ، وَتَشْدِيدِ الْكَافِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَارِئِيهِ كَذَلِكَ، لِإِجْمَاعِ الْجُحَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَئِنْ ذَكَرْتُمْ﴾ [يس: ١٩] «-[٤١٩]- أَيْ إِنْ ذَكَّرْنَاكُمُ اللَّهَ تَطَيَّرْتُمْ بِنَا؟» ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ [الأعراف: ٨١]